للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خزيمة: "فقد آذيت، وآنيت"، أي أبطأت عن المجيء في أوائل الناس، فوقعت في إيذائهم.

والحديث يدلّ على تحريم إيذاء الناس بتخطي رقابهم، وليس هذا خاصاً بيوم الجمعة لعموم العلة، كما سبقت الإشارة إليه أولى الباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث عبد الله بن بُسر -رضي الله عنهما- هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٢٠/ ١٣٩٩ - وفي "الكبرى" -١٨/ ١٧٠٦ - بالسند المذكور.

وأخرجه (د) ١١١٨ (أحمد) ٤/ ١٨٨ و٤/ ١٩٠ (ابن خزيمة) ١٨١١. والله تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في اختلاف العلماء في حكم التخطي يوم الجمعة:

قال الإِمام ابن المنذر رحمه الله تعالى:

قد اختلف أهل العلم في تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، فنهت طائفة عن ذلك، وكرهته, وممن روينا عنه أنه كره ذلك أبو هريرة، وسلمان الفارسيّ, وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وقال أحمد، وسئل عن التخطي إلى الصفّ الأول, قال: لا يتخطى رقاب الناس.

وجوَّزت طائفة ذلك، كان قتادة يقول: لا بأس أن يتخطى رقاب الناس إلى مجلسه. وقال الأوزاعيّ في قوم جُلُوس على باب المسجد، وخلفهم مُتسعٌ، لا بأس أن يتخطاهم إلى السعة.

وفيه قول ثالث: وهو أن التخطى إذا خرج الإِمام، وقعد على المنبر، فمن تخطى حينئذ، فهو الذي فيه الحديث، فأما قبل ذلك فلا بأس به إذا كانت بين يديه فرَج، وليَرْفُقْ في ذلك، هذا قول مالك، وقد روينا عن قتادة أنه رخّص أن يتخطى إلى مجلسه، إن كان له قبل أن يخرج الإِمام، فإذا خرج، فليجلس في أدنى مجلس.

وفيه قول رابع: قال الشافعي: أكره تخطى رقاب الناس يوم الجمعة قبل دخول الإِمام وبعده، لما فيه من الأذى لهم، وسوء الأدب، فإن كان تخطيه إلى الفرجة بواحد، أو اثنين رجوت أن يسعه التخطي، وإن كثر كرهته له، إلا أن لا يجد السبيل إلى مُصَلَّى يُصلي فيه الجمعة، إلا أن يتخطى، فيسعه التخطي إن شاء الله.