للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

متعلّق بـ"جاء"، و"الهيئة" بفتح، فسكون: الحالة الظاهرة، و"البذة" بفتح الموحّدة، فتشديد الذال المعجمة-: الحالة السيّئة، يقال: بَذذتُ كعلمتُ بَذَاذةً، وبَذاذاً بالفتح، وبذاذاً بالكسر وبُذُوذةٌ بالضم: إذا سآءت حالك، وباذُّ الهيئة: رَثُّها. قاله المجد.

والمعنى: أن ذلك الرجل جاء في حالة سيئة، يظهر عليه أثر الفقر.

(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَصَلَّيْتَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: "صَلِّ رَكْعَتَيْنِ"، وَحَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ) أي ليعطي منها هذا الرجل الذي جاء بهيئة بَذّة.

وفي الرواية الآتية في ٥٥/ ٢٥٣٦ من طريق يحيى القطان، عن ابن عجلان: "ثم جاء الجمعة الثانية، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال: صلّ ركعتين، ثم جاء الجمعة الثالثة، فقال: صلّ ركعتين، ثم قال: تصدّقوا، فتصدّقوا، فأعطاه ثوبين … " الحديث. (فَأَلْقَوْا ثِيَاباً) أي طرحوها ليُعطَى منها ذلك الرجل. وفي رواية أبي داود: "فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس أن يطرحوا ثيابًا، فطرحوا، فأمر له بثوبين … " (فَأَعْطَاهُ مِنْهَا ثَوْبَيْنِ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الثَّانِيَةُ) "كان" هنا تامّة، و"الجمعة" فاعلها، أي لما جاءت الجمعة الثانية التي تلي الجمعة التي ألقى الناس فيها ثيابهم (جَاءَ) ذلك الرجل (وَرَسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ) جملة حالية (فَحَثَّ) أي النبي -صلى الله عليه وسلم- (النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ) لعله رأى محتاجاً مثل ذلك الرجل (قَالَ) أي أبو سعيد (فَألْقَى أَحَدَ ثَوْبَيهِ) أي طرح ذلك الرجل أحد الثوبين الذين تُصُدّق عليه بهما في الجمعة الماضية (فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "جَاءَ هَذا يَوْمَ الجُمُعَةِ بَهيْئَةِ بَذَّةٍ) وفي الرواية الآتية -٥٥/ ٢٥٣٦ - : "ألم تروا إلى هذا، إنه دخل المسجد بهيئة بذّة، فرجوت أن تَفطَنوا له، فتتصدّقوا عليه، فلم تفعلوا، فقلت: تصدّقوا، فتصدّقتم، فأعطيته ثوبين … " الحديث.

(فَأَمَرْتُ النَّاسَ بالصَّدَقَةِ، فَألْقَوْا ثِيَاباً، فَأَمَرْتُ لَهُ مِنْهَا بثَوْبَينِ، ثم جَاءَ الآنَ) بالنصب ظرف للوقت الحاضر الذي أنت فيه، ولزمه دخولُ الألف واللام، وليس ذلك للتعريف, لأن التعريف تمييز المشتركات، وليس هذا ما يَشْرَكُهُ في معناه. قال ابن السّرّاج: ليس هو آنَ وآنَ حتى يدخل عليه الألف واللام للتعريف، بل وُضع مع الألف واللام للوقت الحاضر، مثل "الثُّرَيّا"، و"الذي"، ونحو ذلك. قاله الفيّومي.

(فَأمَرْتُ النَّاسَ بالصَّدَقَةِ، فَألْقَى أَحَدَهُمَا، فَانْتَهَرَهُ) أي منعه من التصدّق، لكونه محتاجاً، والصدقة إنما هي عن ظهر غنى، لما روى البخاريّ من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: "خير الصدقة ما تُصدق به عن ظهر غنى، وليبدأ أحدكم بمن يعول"، وفي رواية أحمد: "لا صدقة إلا عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول" (وَقَالَ: خُذْ ثَوْبَكَ) أي لأنك أحقّ به من غيرك، وفيه أن الإنسان المحتاج