غير شيخه، فإنه من أفراده. ومنها أنه مسلسل بالحرانيين إلى زيد، وبكير كوفيّ، والباقيان مكيان. ومنها: أن فيه رواية تابعي، عن تابعي. ومنها: أن فيه ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - من العبادة الأربعة، والمكثرين السبعة. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) - رضي اللَّه تعالى عنهما -، أنه (قَالَ: فُرِضَتِ صَلَاةُ الْحَضَرِ) أي الرباعية (عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صلى اللَّه عليه وسلم -) أي بوحي من اللَّه تعالى، لقوله - عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤](أَرْبَعًا) منصوب على الحال، أي حال كونها أربع ركعات بعد أن كانت ركعتين، ثم قصرت في السفر، فكانت صلاة السفر كأنها ما زيد فيها، وهذا معنى قوله (وَصَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ) فلا يعارض هذا الحديث حديث عائشة - رضي اللَّه عنها -: "فرض اللَّه الصلاة حين فرضها ركعتين في الحضر، والسفر … "، وقد تقدم وجه الجمع مفصلا في أوئل كتاب الصلاة -٣/ ٤٥٣ -
وقوله:"صلاة السفر" بالرفع عطفًا على "صلاة الحضر"، وقوله:"ركعتين" بالنصب عطفَا على "أربعًا"، فيه عطف المعمولين علي معمولي عامل واحد، وهو جائز بلا خلاف، فـ"صلاة" مرفوع بـ "فُرضت"، و"أربعا" منصوب على الحال به، ومثله إعراب قوله (وَصَلَاةُ الْخَوْفِ رَكْعَةً) أي فرضت ركعة واحدة، وفيه أن اللازم في الخوف ركعة واحدة، وبه قال طائفة من السلف، وهو الراجح، وخالف في ذلك الجمهور، وسيأتي تحقيق ذلك في موضعه من "كتاب صلاة الخوف"، إن شاء اللَّه تعالى ١٨/ ١٥٣٢.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الحديث أخرجه مسلم، وقد تقدم للمصنف -رحمه اللَّه تعالى-٣/ ٤٥٦ - رواه عن عمرو بن علي، عن يحيى القطان، عن أبي عوانة، عن بُكير به، وتقدم الكلام على مسائله هناك، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.