للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسعود، فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر الصدّيق بمنى ركعتين، وصليت مع عمر بن الخطاب بمنى ركعتين، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان".

قال النووي -رحمه اللَّه-: معناه ليت عثمان صلى ركعتين، بدل الأربع، كما كان النبي

- صلى اللَّه عليه وسلم -، وأبو بكر، وعمرُ، وعثمان رضوان اللَّه عليهم أجمعين في صدر خلافته يفعلون، ومقصوده كراهة مخالفة ما كان عليه رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وصاحباه، ومع هذا فابن مسعود - رضي اللَّه عنه - موافق على جواز الإتمام، ولهذا كان يُصلي وراء عثمان - رضي اللَّه عنه - مُتمًا ولو كان القصر عنده واجبًا لما استجاز تركه وراء أحد انتهى (١).

وقال في "الفتح": "من" -أي في قوله: "من أربع ركعات"- للبدلية، مثل قوله تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} الآية [التوبة: ٣٨] وهذا يدلّ على أنه كان يرى الإتمام جائزًا، وإلا لما كان له حظّ من الأربع، ولا من غيرها، فإنها كانت تكون فاسدة كلها، وإنما استرجع ابن مسعود لما وقع عنده من مخالفة الأولى، ويؤيده ما روى أبو داود: "أن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه - صلى أربعًا، فقيل له: عبت على عثمان، ثم صليت أربعًا، فقال: الخلاف شرّ وفي رواية البيهقي: "إني لأكره الخلاف"، ولأحمد من حديث أبي ذرّ - رضي اللَّه عنه - مثل الأول، وهذا يدلّ على أنه لم يكن يعتقد أنّ القصر واجب، كما قال الحنفية، ووافقهم القاضي إسماعيل من المالكية، وهي رواية

عن مالك، وعن أحمد، قال ابن قُدامة: المشهور عن أحمد أنه الاختيار، والقصر عنده الأفضل، وهو قول جمهور الصحابة، والتابعين (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: مذهب الإمام أحمد -رحمه اللَّه تعالى- هو الأرجح عندي، وقد تقدم بيان ذلك، في المسالةْ الرابعة في أول "كتاب القصر". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

حديث عبد اللَّه بن مسعود - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا -٣/ ١٤٤٨ - وفي "الكبرى" -٣/ ١٩٠٦ - عن قتيبة، عن عبد الواحد- ح


(١) "شرح مسلم" ٦/ ٢٠٤.
(٢) "فتح" ٣/ ٢٧٣.