للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[الأنعام: ١٩]، والعقل لا يمنعه، لكن بيّنت رواية المصنف (١) أن كل شيء مخصوص بالموعود، كفتن الدنيا، وفتوحها، والجنّة والنار.

قال السندي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لكن قد يقال: هو تعالى داخل في الموعود، لأن الناس يرونه تعالى في الجنة، فليتأمل انتهى (٢)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قاله السيوطي هو الأولى، يؤيده ما وقع عند مسلم من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -: "عُرض علي كل شيء تِولَجُونه". واللَّه تعالى أعلم.

(لَقَدْ رَأَيْتُمُونِي، أَرَدْتُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ) -بكسر القاف، وسكون الطاء المهملة-: أي عنقود عنب، ففي حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - الآتي ١٧/ ١٤٩٣: "إني رأيت الجنة، فتناولت منها عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا" (حِينَ رَأَيْتُمُونِي، جَعَلْتُ) أي أخذت، وشرعت (أَتَقَدَّمُ) أي أمشي أمامي (وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ، يْحَطِمُ بَعَضُهَا بَعْضًا) من باب ضرب يضرب: أن يكسره، ويزاحمه، كما يفعل البحر من شدّة الأمواج (حِينَ رَأَيتُمُونِي تَأَخَّرْتُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا ابْنَ لحُيِّ) -بضم اللام، وفتح الحاء المهملة، وتشديد الياء- هو عمرو بن لُحيّ بن قَمِعَة بن خِنْدِف، أبو خزاعة (وَهُوَ الَّّذِي سَيَّبَ السَّوَائِبَ") أي شرع لقريش أن يتركوا النُّوق، ويُعفُوها من الحمل والركوب، ونحو ذلك للأصنام، كما سيأتي بيانه قريبا.

وجملة "هو الذي الخ" تعليل لمحذوف، كما بُيَّنَ في الروايات الأخرى، ولفظه عند البخاريّ من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -: "رأيت عمرو بن عامر الخزاعي، يجرّ قصبه في النار، كان أول من سيب السوائب".

أي إنما رآه يجرّ قُصْبه -بضم، فسكون -أي أمعاءه في النار، لأنه الذي غير دين إبراهيم، وإسماعيل، فسيّب السوائب.

وذكر ابن إسحاق في "السيرة الكبرى" عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - قال: "سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: لأكثم بن الجون: "رأيتُ عمرو بن لُحيّ، يجرّ قُصبه في النار, لأنه أول مّن غيّر دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وسيّب السائبة، وبَحَرَ البحيرة، ووصَلَ الوصيلة، وحمى الحامي".

وروى الطبرانيّ من حديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، رفعه: "أول من غيّر دين إبراهيم عمرو


(١) هذا يوهم أن المصنف تفرد بهذه الرواية، وليس كذلك، فقد وقعت عند البخاري بلفظ: "وُعدته" وعند مسلم بلفظ المصنف "وُعدتم".
(٢) "شرح السندي" ج ٣ ص ١٣١ - ١٣٢.