للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الخصوص، واللَّه تعالى أعلم انتهى. (١)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن الأرجح مشروعية التحويل، وأنه للتفاؤل؛ لحديث جابر - رضي اللَّه عنه - المذكور. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في مشروعية تحويل الرداء:

قال الإمام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: وقد اختلفوا في تحويل الرداء، فكان مالك يقول: إذا فرغ من الصلاة في الاستسقاء خطب الناس قائمًا يدعو في خطبته، مستقبل الناس، وظهره إلى القبلة، والناس مستقبلوه، فإذا استقبل القبلة حوّل رداءه، وجعل ما على يمينه على شماله، وما على شماله على يمينه، ودعا قائمًا، واستقبل الناسُ جميعًا القبلةَ كما استقبلها الإمام قعودًا، وحوّلوا أرديتهم جميعًا كما حول الإمام، فإذا فرغ مما يريد من الدعاء استقبل الناس بوجهه، ثم انصرف.

وممن كان يرى أن يجعل اليميَن الشمالَ، والشمالَ اليمينَ أحمدُ بن حنبل، وأبو ثور، وحُكي ذلك عن ابن عيينة، وعبد الرحمن بن مهديّ، وإسحاق بن راهويه، وكان الشافعي يقول بذلك إذ هو بالعراق، ثم رجع عنه.

وفيه قول ثان، قاله الشافعي آخر قوليه، قال: آمر الإمام أن ينكّس رداءه، فيجعل أعلاه أسفله، ويزيد مع نكسه، فيجعل شقه الذي كان على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، والذي على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن، فيكون جاء بما أراد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - من نكسه، وبما فعل من تحويل الرداء.

وفيه قول ثالث: قاله محمد بن الحسن، قال: ويقلب الإمام رداءه كله، وقلبه أن يجعل جانب الأيسر على الأيمن، والأيمن على الأيسر، وإنما يتبع في هذا السنة والآثار المعروفة، وليس ذلك على من خلف الإمام. قال أبو الزناد: كان عمر بن عبد العزيز يحوّل رداءه في الاستسقاء، قال: ولم يكن الناس يحوّلون أرديتهم انتهى كلام ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أرجح المذاهب عندي مذهب من قال بمشروعية تحويل الرداء؛ لوضوح أدلته. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب"

* * *


(١) "فتح" ج ٣ ص ١٨٨.
(٢) "الأوسط" ج ٤ ص ٣٢٢ - ٣٢٣.