(فأَمَّا مَنْ آمَنَ بِي، وَحَمِدَنِي عَلَى سُقْيَايَ) بضم السين اسم من سقاه اللَّه (فَذَاكَ الَّذِي آمَنَ بِي، وَكَفَرَ بِالْكَوْكَبِ) أي صدّق بأن المطر خلقي، لا خلق الكوكب، أرحم به عبادي، وأتفضّل به عليهَم، كما قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}[الشورى: ٢٨](وَمَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَاكَ الَّذي كَفَرَ بِي، وَآمَنَ بِالْكَوْكَبِ) حيث نسب للمخلوق ما هو من خصوصيات الخالق، فجحد نعمة اللَّه تعالى في ذَلك، وظلم بنسبتها لغير المنعم بها، فإن كان ذلك عن اعتقاد كان كافرًا ظالمًا حقيقة، وإن كان عن غير اعتقاد، فقد تشبّه بأهل الكفر والظلم الحقيقيّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث زيد بن خالد الجهني - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا -١٦/ ١٥٢٥ - وفي "الكبرى" ١٤/ ١٨٣٤ - و"عمل اليوم والليلة" رقم ٩٢٤ - بالسند المذكور. وفي "عمل اليوم والليلة" ٩٢٥ - عن محمد بن سلمة، عن ابن القاسم، عن مالك، عن صالح بن كيسان به.
المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (خ) ١/ ٢١٤ و ٥/ ١٥٥ - و ٩/ ١٧٧ (م) ١/ ٥٩ (د) ٣٩٠٦ (مالك في المموطإ) ١٣٦ (الحميدي) ٨١٣ (أحمد) ٤/ ١١٥/ و ٤/ ١١٦ و ٤/ ١١٧. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وهو تحريم الاستمطار بالكواكب. (ومنها): وجوب شكر اللَّه تعالى، قال اللَّه تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)} [الواقعة: ٨٢]، قال ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنه -: شكركم، وقال الطبريّ: المعنى وتجعلون الرزق الذي وجب عليكم به الشكر تكذيبكم به، وقيل: بل الرزق بمعنى الشكر في لغة أزد شنوءة. نقله الطبري عن الهيثم بن عديّ.
وقد أخرج سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ:"وتجعلون شكركم أنكم تكذّبون". وأخرج مسلم من طريق أبي زُميل، عن ابن عباس، قال:"مُطِرَ الناسُ على عهد رسول اللَّه ص" فذكر نحو حديث زيد بن خالد في الباب، وفي آخره: "فأنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} إلى