(وَمَعَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ) جملة في محل نصب على الحال (فَقَالَ) أي سعيد بن العاص (أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ؟، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا) أي أنا صليتها معه (فَوَصَفَ) أي وصف حذيفة - صلى اللَّه عليه وسلم - صلاة النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بالقول، والرواية التالية صريحة في أنه بينها بالفعل، والظاهر أنه جمع بينهما زيادة في الإيضاح (فَقَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً) أي بكل طائفة ركعة واحدة (صَفَّ) بصيغة الماضي، كما هو بضبط القلم في النسخة الهندية، ويدلّ على هذا ما في "الكبرى" بلفظ "صفّت" بتاء التأنيث، والجملة في محل جرّ صفة لـ"طائفة"، أو حال منه، وذكّر الفعل بتأويل "طائفة" بصِنْفٍ، أو بعض، وقوله (خَلْفَهُ) ظرف لـ"صَفَّ"، ويحتمل أن يكون "صفّ" اسمًا مبتدءًا خبره الظرف، وسوّغ الابتداء بالنكرة التفصيل، أو كونه موصوفًا بمقدّر، أي صفّ منها.
وقال السندي -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "شرحه": قوله: "صفّ خلفه" بالجرّ بدل من "طائفة". انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه عنه -: هذا الذي قاله إن صحت الرواية به فذاك، وإلا فلا يتعيّن. واللَّه أعلم.
(وَطَائِفَةٌ أُخْرَى بَيْنَهُ وَبَينَ الْعَدُوِّ)"طائفة" مبتدأ خبره الظرف (فَصَلَّى بالطَّائِفَةِ الَّتِي تَلِيهِ رَكْعَةَ، ثُمَّ نَكَصَ هَؤُلَاءِ) أي رجع الذين صلّوا ركعة معه، يقال: نكَص على عقبيه نكُوصًا، من باب قَعَدَ: رجع. قال ابن فارس: والنكوصُ الإحجام عن الشيء (إِلَى مَصَافٍّ أُولَئِكَ) بفتح الميم، وتشديد الفاء، جمع مصفّ: أي أماكن صفوفهم في الحراسة (وَجَاءَ أُولَئِكَ) أي الذين واجهوا العدوّ (فَصَلَّى بِهمْ رَكْعَةَ) أخرى، زاد في الرواية التالية:"ولم يقضوا"، وهي صريحة في اجتزاء كل طائفة بركعة واحدة، وبه يقول بعض أهل العلم، وسيأتي تحقيق القول في المسائل الآتية، إن شاء اللَّه تعالى.
وقد ساق الإمام أحمد الحديث في "مسنده" مطولاً، فقال:
حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سليم بن عبد السلولي، قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان، ومعه نفر من أصحاب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: أيكم صلى مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلاة الخوف؟ فقال حذيفة: أنا، فَأْمُرْ أصحابك يقومون طائفتين، طائفة خلفك، وطائفة بإزاء العدو، فتكبروا، ويكبرون جميعا، ثم