للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعد خيبر، فإن المراد الغزواة التي وقع فيها القتال، وهي بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والمُرَيسيعُ، وخيبر، والسابعة ذات الرقاع انتهى بتصرّف (١).

(قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - لِصَلَاةِ الْعَصْرِ، وَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلَ الْعَدُوِّ) ولفظ أبي داود: "مقابلي العدو"، وفي نسخة منه "مقابلوا العدوّ" (وَظُهُورُهُمْ إِلَى الْقِبْلَةِ) أي والحال أن ظهور هذه الطائفة إلى جهة القبلة، حيث كان العدوّ في تلك الجهة (فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَكَبَّرُوا جَمِيعًا، الَّذينَ مَعَهُ، والذينَ يُقَابِلُونَ الْعَدُوَّ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - رَكْعَةَ وَاحِدَةَ، وَرَكَعَتْ مَعَهُ الطَّائِفَةُ الَّتي تَلِيهِ، ثُمَّ سَجَدَ، وَسَجَدَتِ الطائِفَةُ الَّتي تَلِيهِ، وَالآخَرُونَ قِيَام، مُقَابِلَ) وفي نسخة مقابلة (الْعَدُوَّ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَقَامَتِ الطائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ، فَذَهَبُوا إِلَى الْعَدُوَّ، فَقَابَلُوهُمْ) أي قابلوا العدوّ (وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ) وفي نسخة "مقابلة" (الْعَدُوِّ، فَرَكَعُوا، وَسَجَدُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَائِمٌ، كَمَا هُوَ) أي على حالته التي هو عليها، فالكاف بمعنى "على".

[تنبيه]: (اعلم): أن للنحاة في هذه الجملة، وأمثالها أوجه من الإعراب، فقد ذكر ابن هشام الأنصاري في "مغني اللبيب"، في "كن كما أنت": ما خلاصته: وللنحاة في هذا المثال أعاريب:

١ - أن "ما" موصولة، و"أنت" مبتدأ، حذف خبره.

٢ - أنها موصولة، و"أنت" خبر، حذف مبتدؤه، أي كالذي هو أنت.

٣ - أن "ما" زائدة مُلْغاة، والكاف أيضًا جارّة، و"أنت" ضمير مرفوع أُنيب عن المجرور.

٤ - أن "ما" كافّة، و"أنت" مبتدأ حُذف خبره، أي عليه، أو كائن.

٥ - أن "ما" كافة أيضًا، و"أنت" فاعل، والأصل كما كنت، ثم حذف "كان"، فانفصل الضمير، وهذا بعيد، بل الظاهر أن "ما" على هذا التقدير مصدرية انتهى (٢)

(ثُمَّ قَامُوا) وفي نسخة "قام" (فَرَكعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - برَكْعَةَ أُخْرَى، وَرَكَعُوا مَعَهُ، وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ) وفي نسخة "مقابلة" (الْعَدُوِّ، فَرَكَعُوا، وَسَجَدُوا، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَاعِدٌ، وَمَنْ مَعَهُ) لا يخفى أنه في هذه الحالة لم يبقَ أحد في هذه الصورة وِجَاه العدوّ، فكأن هذه الصورة فيما إذا كان الخوف قليلاً بحيث لا يضرّ بقاء أحد وجاه العدوّ، أو لأن العدوّ إذا رأهم ذاهبين، وآيبين لا يجترىء بالإقدام عليهم، بخلاف ما إذا لم يفعلوا ذلك. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - "فتح" ج ٨ ص١٨٢.
(٢) - "مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" ج١ ص ١٧٧ - ١٧٩ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.