للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

"اللسان"، حال كونه (مُحَاصِرَ الْمُشْرِكِينَ) اسم فاعل من المحاصرة، والمراد به حَصْرهم، وهو الإحاطة بهم، يقال: حَصَره العدوُّ حَصْرًا، من باب قتل: أحاطوا به، ومنعوه من المضيّ لأمره. وقال ابن السِّكِّيت، وثَعْلبٌ: حَصَرَه العدوّ في منزله: حَبَسَه، وأحصره المرض بالألف: منعه من السفر، وقال الفرّاء: هذا كلام العرب، وعليه أهل اللغة، وقال ابن القُوطِيّة، وأبو عَمْرو الشيبانيّ: حَصَرَه العدوّ، والمرض، وأحصره، كلاهما بمعنى: حَبَسَه. ذكره الفيّومي -رحمه اللَّه تعالى- (١) (فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ لِهَؤُلَاءِ صَلَاةً هِيَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ وَأَبْكَارِهِمْ) أي بناتهم، وإنما خص الأبكار لأنهن المرغوب فيهنّ عند الناس، ولفظ أحمد: "إن لهم صلاةً، هي أحبّ إليهم من آبائهم، وأبنائهم، وهي العصر، فأجمعوا أمركم … " (أَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) أي اتفقوا عليه، يقال: أجمعت المسيرَ والأمرَ، وأجمعت عليه، يتعدى بنفسه، وبالحرف: عزمت عليه، واْجمعوا على الأمر: اتفقوا عليه. أفاده في "المصباح" (ثُمَّ مِيلُوا عَلَيهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً" أي شُدّوا عليهم شَدَّةً واحدةً، وأصيبوهم إصابة واحدةً، يقال: مال عليهم الدهر: أصابهم بجوائحه (فَجَاءَ جِبْرِيلُ - عليه السلام -، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ أَصْحَابَهُ نِصْفَيْنِ، فَيُصَلِّيَ بِطَائِفَةٍ مِنْهُمْ، وَطَائِفَةٌ مُقْبلُونَ عَلَى عَدُوِّهِمْ، قَدْ أَخَذُوا حِذْرَهُمْ) بكسر، فسكون، أو بفتحتين: أي التحرّز منهم (وَأَسْلِحَتَهُمْ، فَيُصَليَ بِهِمْ) أي بالطائفة التي معه (رَكْعَةً، ثُم يَتَأَخَّرَ هَؤُلَاءِ) أي الذين صلّوا ركعة معه (ويتَقَدَّمَ أُولَئِكَ) أي الذين هم مقبلون على العدوّ (فَيُصَلِّيَ بِهمْ رَكْعَةً، تَكُونُ لَهُمْ) أي للطائفتين (مَعَ النَّبِيِّ (٢) - صلى اللَّه عليه وسلم - رَكْعَةً رَكْعَةً) الظاهر أنهم اكتفوا بركعة واحدة، ويحتمل أنهم صلوا لأنفسهم ركعة أخرى، والاحتمال الأول أقوى (وَلِلنَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم - رَكْعَتَانِ). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:

أخرجه هنا-١٧/ ١٥٤٤ - وفي "الكبرى" ٢٢/ ١٩٣٢ - بالإسناد المذكور.

المسألة الثالثة: فيمن أخرجه معه:

أخرجه (ت) ٣٠٣٥. (أحمد) ٢/ ٥٢٢. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) - "المصباح المنير" مادة حصر.
(٢) - وفي نسخة "رسول اللَّه".