للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إليهم من أموالهم، وأبنائهم، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بنا العصر، ففرّقنا فرقتين … " الحديث، وسياقه نحو رواية زُهير، عن أبي الزبير، عن جابر، وهو ظاهر في اتحاد القصّة.

وقد روى الواقديّ من حديث خالد بن الوليد، قال: "لَمّا خرج النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى الحُديبية لقيته بعُسفان، فوقفت بإزائه، وتعرّضت له، فصلّى بأصحابه الظهر، فهممنا أن نُغير عليهم، فلم يُعزَم لنا، فأطلع اللَّه نبيه - صلى اللَّه عليه وسلم - على ذلك، فصلى بأصحابه العصرَ صلاةَ الخوف … " الحديث، وهو ظاهر فيما قرّرته أن صلاة الخوف بعسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع، وأن جابرًا روى القصّتين معًا.

فأما رواية أبي الزبير عنه ففي قصّة عُسفان، وأما رواية أبي سلمة، ووهب بن كيسان، وأبي موسى البصريّ عنه، ففي غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب، وثعلبة.

وإذا تقرّر أن أول ما صلّيت صلاف الخوف في عُسفان، وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق وقريظة، وقد صلَّيت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وهي بعد عُسفان، فتعيّن تأخرها عن الخندق، وعن قُريظة، وعن الحديبية أيضًا، فيَقْوَى القولُ بأنها بعد خيبر, لأن غزوة خيبر عقب الرجوع من الحديبية. وأما قول الغزاليّ: إن غزوة ذات الرقاع آخر الغزوات فهو غلطٌ واضحٌ، وقد بالغ ابن الصلاح في إنكاره.

وقال بعض من انتصر للغزاليّ: لعله أراد آخر غزوة صُلّيت فيها صلاة الخوف. وهذا انتصار مردود أيضًا، لما أخرجه أبو داود، والنسائي (١)، وصححه ابن حبّان من حديث أبي بكرة - رضي اللَّه عنه - أنه صلّى مع النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلاة الخوف، وإنما اْسلم أبو بكرة في غزوة الطائف باتفاق، وذلك بعد غزوة ذات الرقاع قطعًا. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

١٥٤٩ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, عَنْ مُحَمَّدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ مَنْصُورٍ, قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ, عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ شُعْبَةُ: كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ, وَسَمِعْتُهُ مِنْهُ يُحَدِّثُ, وَلَكِنِّي حَفِظْتُهُ, قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ: حِفْظِي مِنَ الْكِتَابِ: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, كَانَ مُصَافَّ الْعَدُوِّ بِعُسْفَانَ, وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ, فَصَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الظُّهْرَ, قَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ لَهُمْ صَلَاةً بَعْدَ هَذِهِ, هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ, فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - الْعَصْرَ, فَصَفَّهُمْ صَفَّيْنِ خَلْفَهُ, فَرَكَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - جَمِيعًا, فَلَمَّا رَفَعُوا رُءُوسَهُمْ, سَجَدَ بِالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ, وَقَامَ الآخَرُونَ, فَلَمَّا رَفَعُوا


(١) - سيأتي للمصنف برقم ١٥٥١.
(٢) - "فتح" ج ٨ ص ١٨٧ - ١٨٨.