ركعتين"، وتقدم البحث فيه مستوفى هناك، وسيأتي أيضًا آخر الباب برقم ١٥٥٥.
ومحمد بن عبد الأعلى، هو الصنعاني، وإسماعيل بن مسعود، هو الجحدريّ، وخالد، هو ابن الحارث الْهُجَيميّ، وأشعث، هو ابن عبد الملك الحُمْراني، والحسن هو البصريّ، وأبو بكرة، هو نفيع بن الحارث بن كَلَدَة الصحابي - رضي اللَّه تعالى عنه -.
والحديث فيه بيان إحدى كفيات صلاة الخوف، وهي أن يصلي بكل طائفة ركعتين، يسلم عليهما، فتكون لكلتا الطائفين صلاة تامة من غير مخالفة لهيئة صلاة الأمن , ويكون الإمام مفترضًا في ركعتين، ومتنفّلاً في ركعتين، قال أبو داود -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "سننه" بعد أن أخرج الحديث: وبذلك كان يفتي الحسن. انتهى.
وقال النووي: وبهذا قال الشافعي، وحكوه عن الحسن. وادعى الطحاويّ أنه منسوفي، ولا تقبل دعواه، إذ لا دليل لنسخه انتهى. وقال السنديّ: فيه اقتداء المفترض بالمتنفّل قطعًا، ولم أر لهم -يعني الحنفية المانعين من ذلك- عنه جوابًا شافيًا انتهى.
[تنبيه]: قال الإمام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- في "تهذيب السنن": وحديث أبي بكرة هذا رواه الدارقطني عنه، فقال فيه: "إن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى بالقوم صلاة المغرب ثلاث ركعات، ثم انصرف، وجاء الآخرون، فصلى بهم ثلاث ركعات، فكانت للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم - ست ركعات، وللقوم ثلاث ثلاث".
قال ابن القطّان: وعندي أن الحديثين غير متصلين، فإن أبا بكرة لم يصلّ معه صلاة الخوف, لأنه بلا ريب أسلم في حصار الطائف، فتدلّى ببكرة من الحصين، فسمّي أبا بكرة، وهذا كان بعد فراغه - صلى اللَّه عليه وسلم - من هوازن، ثم لم يلقَ - صلى اللَّه عليه وسلم - كيدًا إلى أن قبضه اللَّه.
قال ابن القيّم: وهذا الذي قاله لا ريب فيه، لكن مثل هذا ليس بعلة، ولا انقطاع عند جميع أئمة الحديث والفقه، فإن أبا بكرة، وإن لم يشهد القصّة، فإنه سمعها من صحابي غيره، وقد اتفقت الأمة على قبول رواية ابن عباس، ونظرائه من الصحابة، مع أن عامتها مرسلة عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولم يُنازع في ذلك اثنان من السلف، وأهل الحديث والفقهاء، فالتعليل على هذا باطل. واللَّه أعلم انتهى (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي رد به ابن القيم على ابن القطان إنما هو في صحة صلاة الخوف من طريق أبي بكرة، لا بخصوص صلاة المغرب، فإنه وَهَمٌ، كما قال البيهقي، والصحيح أنه في الظهر، لا في المغرب. وأما المغرب فيحتمل أن يكون من قول الأشعث، كما ظنه البيهقي، أو من قول أبي داود، ونص أبي داود في "سننه":
(١) - "تهذيب السنن" من هامش "عون المعبود" ج ٤ ص ١٢٦.