الشمسية، كما أن غُرّة المحرم أول السنة القمرية، والمهرجان أول يوم الميزان, كما يظهر من مقابلته بالنيروز، وهما يومان معتدلان في الهواء، والحرارة، والبرودة، يستوي فيهما الليل والنهار. قيل: اختارهما الحكماء المتعلّقون بالهيئة للعيد في أيامهم، واتبعهم أهل زمانهم، فجاء الأنبياء، فأبطلوا ذلك (١)(فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الْمَدِينَةَ) مهاجرًا من مكة (قَالَ: كَانَ لَكُمْ يَوْمَانِ تَلْعَبُونَ فِيهِمَا) وفي رواية أبي داود: فقال: "ما هذان اليومان؟ " قالوا: كنا ندعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إن اللَّه قد أبددكم بهما خيرًا منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر"(وَقَدْ أَبْدَلَكُمُ اللَّهُ بِهمَا خَيرًا مِنْهُمَا) يريد أن اللَّه تعالى قد أبطل ما كانوا يعملونه في هذين اليومين من أعمال الجاهلية، وشرع لهم في مقابلهما يومي العيدين. و"خيرًا" أفعل تفضيل، ولكن ليس هنا على بابه، إذ لا خيرية في يومي الجاهلية (يَوْمَ الْفِطْرِ) بالنصب بدل من "خيرًا"، أو مفعول لفعل مقدّر، أي أعني، ويحتمل الرفع على أنه خبر لمحذوف، أي هما يوم الفطر الخ، وسمي يوم الفطر -بكسر، فسكون- لأن فيه الفطر من الصوم (وَيَوْمَ الْأَضْحَى) إعرابه كسابقه، وهو بفتح الهمزة، سمي به لأنه يُتقرّب فيه إلى اللَّه تعالى بالأضحية. ولفظ "الكبرى": "ويوم النحر". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته. حديث أنس بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
أخرجه هنا - ١/ ١٥٥٦ - وفي "الكبرى" ١/ ١٧٥٥ - بالسند المذكور.
المسألةَ الثالثه: فيمن أخرجه معه:
أخرجه (د) ١١٣٤. (أحمد) ٣/ ١٠٣ و ١٧٨ و ٢٣٥ و ٢٥٠ (عبد بن حميد) ١٣٩٢. واللَّه تعالى أعلم.
المسألة الرابعة: في فوائده:
منها: سماحة الشريعة، وسهودة أمور الدين؛ حيث شرع اللَّه تعالى للمسلمين يومين يلعبون فيهما. ومنها: ما كان عليه الجاهلية من تعظيم يومين في السنة بأفعالهم القبيحة، وأقوالهم الشركية، فجاء اللَّه تعالى بالإسلام، وأبدل ذلك بالأفعال الحسنة، والأقوال المحمودة، من التكبير والتهليل، والتسبيح، وغير ذلك. ومنها: الابتعاد عن العادات