للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ عَبدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَن النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - صلَّى الْعِيدَ، قَالَ:) ولفظ "الكبرى": "وقال" بالواو، وهو ظاهر، وللأول أيضًا وجه صحيح، وهو أن يجعل بدلاً من الفعل، كما قال ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

وَيُبْدَلُ الْفِعْلُ مِنَ الْفِعْلِ كمَنْ … يَصِلْ اِلَيْنَا يَسْتَعِنْ بِنَا يُعَنْ

ولفظ أبي داود: شهدت مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - العيد، قد ما قضى الصلاة قال: "إنا نخطب، فمن أحبّ أن يجلس للخطبة، فليجلس، ومن أحبّ أن يذهب فليذهب" (مَن أَحَبَّ أَنَّ يَنْصَرِفَ) أي يرجع إلى بيته قبل سماع الخطبة (فَلْيَنْصَرِفْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ) من الإقامة، أي يجلس (لِلْخطْبَةِ) أي لأجل سماعها (فَلْيُقِمْ) بضم الياء، من الإقامة، أي فليثبت في محلّه حتى يسمع الخطبة. وفيه دليل على أن الجلوس لسماع خطبة العيد غير واجب. قال في "المنتقى": وفيه بيان أن الخطبة سنّة، إذ لو وجبت لوجب سماعها انتهى.

قال الشوكاني -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وفيه أن تخيير السامع لا يدك على عدم وجوب الخطبة، بل على عدم وجوب سماعها، إلا أن يقال: إنه يدلّ من باب الإشارة, لأنه إذا لم يجب سماعها لا يجب فعلها، وذلك لأن الخطبة خطاب، ولا خطاب إلا لمخاطب، وإذا لم يجب السماع على المخاطب لم يجب الخطاب، وقد اتفق الموجبون لصلاة العيد وغيرُهُم على عدم وجوب خطبته، ولا أعرف قائلاً بوجوبها انتهى (١).

وقال النووي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واتفق أصحابنا على أنه لو قدّمها على الصلاة صحّت، ولكنه يكون تاركًا للسنّة، مفوّتا للفضيلة، بخلاف خطبة الجمعة، فإنه يشترط لصحّة صلاة الجمعة تقدّم خطبتها عليها, لأن خطبة الجمعة واجبة، وخطبة العيد مندوبة انتهى (٢).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته:

هذا الحديث قال أبو داود -رَحِمَهُ اللَّهُ-: مرسل عن عطاء، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - انتهى، وقال النسائيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا خطأ، والصواب أنه مرسل انتهى (٣). وأخرج البيهقي عن العبّاس الدُّورِيّ، قال: سمعت يحيى -يعني ابن معين- يقول: عبد اللَّه بن السائب أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى بهم العيد هذا إنما هو عن عطاء، فقط، وإنما يَغلَط فيه الفضل بن موسى السِّينَانيّ، يقول: عن


(١) - "نيل الأوطار" ج٣ ص ٣٦٣.
(٢) - "شرح مسلم" ج٦ ص ١٧٨.
(٣) - لم أجد كلام النسائي هذا في أي موضع ذكره؟، فلينظر.