للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَن نَافِعٍ، أَنَّ عَبدَ اللَّهِ بنَ عُمَرَ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (أَخْبَرَهُ، "أَنَّ رَسُولَ اللَهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - كَانَ يَذْبَحُ) البقر، أو الغنم (أَو يَنْحَرُ) البُدْن. قال ابن منظور -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الذبح -بفتح، فسكون-: قطع الحُلْقُوم من باطنٍ، عندَ النَّصِيل، وهو موضع الذبح من الحلق. وقال أيضًا: ونَحَرَ البعيرَ يَنحَرُهُ نَحرًا: طعنه في مَنْحَره، حيث يبدو الْحُلقُوم من أعلى الصدر. انتهى (١).

وقال المجد اللغوي -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ذَبَحِ، كَمَنَعَ ذبحًا -بفتح، فسكون- وذُبَاحًا - كغُراب-: شقّ، وفَتَقَ، ونَحَر، وخَنَق انتهى. فقال الشارح المرتضى -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال شيخنا: قضيته أن الذبح والنحر مترادفان، والصواب أن الذبح في الحلق، والنحر في اللبة، هكذا فصّله بعضهم, وفي "شرح الشفا": أن النحر يختصّ بالبُدْنِ، وفي غيرها يقال: ذَبَحَ، ولهم فرُوق أُخَر، ولا يبعد أن يكون الأصل فيهما إزهاقَ الروح بإصابة الحلق والمنحر، ثم وقع التخصيص من الفقهاء، أخذوا من كلام الشارع، ثم خصصوه

تخصيصا آخر بقطع الوَدَجَين، وما ذُكر معهما، على ما بُيِّن في الفروع. واللَّه أعلم انتهى (٢). وقوله: (بالْمُصَلَّى) تنازعاه الفعلان قبله.

ومعنى الحديث أَنه - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يوم الأضحى إما أن ينحر البُدْن، أو يذبح البقر، أو الغنم، فـ"أو" للتخيير، ويدلّ على هذا رواية ابن عمر - رضي اللَّه عنه -: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كان ينحر يوم الأضحى بالمدينة، قال: وكان إذا لم ينحر ذبح وفي رواية عنه: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نحر يوم الأضحى بالمدينة، قال: وقد كان إذا لم ينحر يذبح بالمصلى" (٣).

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- عند قول البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "باب النحر، والذبح بالمصلى": ما نصه: قال الزين ابن المنيّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: عطف الذبح على النحر في الترجمة، وإن كان حديث الباب ورد بـ "أو" المقتضية للتردّد، إشارةً إلى أنه لا يمتنع أن يجمع يوم النحر بين نسكين، أحدهما مما يُنحر، والآخر مما يُذبح، وليُفهَم اشتراكهما في الحكم انتهى.

قال: ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنه ورد في بعض طرقه بواو الجمع، كما سيأتي في "كتاب الأضاحي"، ويأتي الكلام هناك على فوائده، إن شاء اللَّه تعالى انتهى (٤).


(١) - "لسان العرب" في مادة ذبح، ونحر.
(٢) - "تاج العروس" ج ٢ ص ١٣٧.
(٣) - سيأتي للمصنف في "كتاب الأضاحي" ٣/ ٤٣٦٧.
(٤) - "فتح" ج ٣ ص ١٥٢.