للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جناب الله العزيز الجليل من غير تعرُّضٍ للتوبيخ على نسبة الولد إليه سبحانه" (١).

أقول: أما ردُّه تلك التقديرات فحقٌّ لا غبار عليه، وسياق الآيات يؤيده كل التأييد، وأما اختياره تقدير بنات الله ففيه نظر، والظاهر أنه لا حاجة إلى التقدير أصلًا وأنَّ الكلام من النمط الذي أوضحناه في المقدمة الأولى، والمعنى: أعرفتم اللات والعزى [٣١٠] ومناة، وقد عرفت أنَّ الغرض من ذلك أن يُحضروها في أذهانهم ويحصروا أذهانهم فيها، ويترقَّبوا أمرًا مهمًّا يتعلق بها.

ثم قال تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى} وهذه هي الجملة الاستفهامية المتعلقة بمفعول (أرأيت) على ما شرطوه، وإنما لم يقل: ألكم الذكر وهي لله على أن يكون المراد بقوله: " وهي": اللات والعزى ومناة، لركاكة هذا اللفظ، أي: قولنا: ألكم الذكر وهي لله؛ وللتصريح بموضع الشناعة المقصود في هذا الكلام؛ ولأنه ــ والله أعلم ــ أريدَ ما يعمُّ هذه الثلاث وغيرها، فإنهم كانوا يقولون في غيرها مثل مقالتهم فيها؛ ولمقابلة لفظ الذَّكر لمراعاة (٢) الفواصل.

وقول شيخ الإسلام: "إنَّ فيه تمحُّلات", إنما ذلك إذا جُعلت هذه الجملة مفعولًا ثانيًا لـ (أرأيت) وأما على ما اخترناه فلا تمحُّل أصلًا. وأما أنه لا يكون بالكلام تعرُّض للتوبيخ على نسبة الولد إليه سبحانه فلا حرج في


(١) تفسير أبي السعود ٢/ ٥٣٩ - ٥٤٠. [المؤلف]
(٢) كذا في الأصل, ولعل الصواب: "ولمراعاة" عطفًا على قوله: "لركاكة هذا اللفظ", فيكون تعليلًا مستقلًا برأسه.