للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومخالفة الربِّ (١) .... ولا يقصد المؤمن بما بُلِيَ به من العصيان طاعة الشيطان ومخالفة الربِّ ... , وكذا حال آدم وحوَّاء ... , لكنهما ما أكلا من الشجرة موافقةً له، ولا قَبِلا منه النصيحة ولا صدَّقَاه في ذلك، بل أكلا على الشهوة لميلان الطبع» (٢).

أقول: ارجع إلى الآيات التي ذكرناها في شأن عبادة الشياطين مع ما معها من الآثار (٣)؛ يتبيَّنْ لك أن الله عزَّ وجلَّ أخبر بعبادة الشياطين واتِّخاذهم شركاء وآلهةً من دون الله عن قومٍ لم يكونوا يقصدون طاعة الشياطين، بل كانوا يبغضونها ويذمُّونها، حتى كان أشدُّ ما يذمُّون به النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قولهم: كاهنٌ أو مجنونٌ، وقد تواتر عنهم أنهم كانوا يرون أن الكاهن يستعين بالشياطين، وأن المجنون هو مَن استولت عليه الشياطين، فقال الله تعالى ردًّا عليهم: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} [الشعراء: ٢١٠]، وقال سبحانه: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [التكوير: ٢٥] , وبيَّن المفسِّرون أن ذلك ردٌّ عليهم في قولهم في النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: إنه كاهنٌ، وفي القرآن: إنه كهانةٌ.

/وكذا لم يكونوا يقصدون مخالفة الربِّ تعالى، بل قد أخبر الله تعالى عنهم بقولهم في آلهتهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣]، وقالوا: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: ١٨]، {وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: ٢٠].


(١) لعلَّه يشير إلى ترك التزامه وعدم قبوله وانقياده.
(٢) حواشي الشيخ زاده ١/ ٢٦٥.
(٣) انظر ص ٥٩٥ - ٦١٤.