للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادة الشيطان والشرك به ليس على حقيقته، وإنما المراد بذلك مطلق الطاعة المذمومة التي لا تكون عبادةً ولا شركًا على الحقيقة.

أما الوجه الثاني، فقد بينته في "رسالة العبادة" (١)، ولعله يأتي في موضع آخر إن شاء الله تعالى.

ونحو (٢) هذا وقع فيما جاء في القرآن من ذكر تأليه الهوى.

ومما كان يخفى على بعض منهم أنه عبادة أو قد يكون عبادة: القسَم بغير الله، والطِّيَرة، وقولهم: ما شاء الله وشاء فلان، والتمائم، والتِّوَلة، وغيرها. وقد بسطت الكلام على ذلك في "رسالة العبادة" (٣) والحمد لله. وقد كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يعذرهم فيما يخفى عليهم، ويبيِّنه لهم. وهكذا أصحابه رضي الله عنهم.

والحاصل أنَّ الخفاء قد يكون في كون الفعل خضوعًا، وقد يكون في كونه يُطلَب به نفع، وقد يكون في كون النفع غيبيًّا، وقد يكون في كونه لا سلطان عليه.

ولهذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال: "الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل" (٤). وقد ذكرت هذا الحديث في "رسالة العبادة" بطرقه وشواهده،


(١) رسالة "العبادة" (ص ٧١٤ وما بعدها).
(٢) في الأصل: "ونحوه"، سبق قلم.
(٣) رسالة "العبادة" (ص ٩٤٧ وما بعدها).
(٤) أخرجه أحمد (٤/ ٤٠٣) والطبراني في "الكبير" (١٥٦٧) و"الأوسط" (٣٤٧٩) من حديث أبي موسى الأشعري. وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (١٨) والبخاري في "الأدب المفرد" (٧١٦) وأبو يعلى (٥٨ - ٦٠) من حديث أبي بكر الصديق. وله شواهد أخرى. وانظر "المسند" (١٩٦٠٦) للكلام عليه.