للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صريح فيه أو مستلزم (١) له حتمًا؛ ولكنها خبايا في الزوايا، وشذَرات في

الفلَوات، قد التقطتُ ما عثرتُ عليه منها في "رسالة العبادة" (٢).

الأمر السادس: أنني أعترف بأنَّ العقل يستبعد بل يكاد يُحيل أن يكون هذا الأمر الذي هو أسُّ الإسلام وجوهرُه وهو معنى عقد أنه لا إله إلا الله غفل عنه أكثر العلماء، إن لم نقل: كلُّهم، حتى آل إلى ما نراه من الخفاء، فصارت تفسيراتهم للإله والعبادة على ما سمعت، وصار الكلام في التفاسير وشروح الحديث وكتب الفقه على ما يعرفه من طالعها. ولكني لما قام عندي من البراهين مع ما التقطتُه من خبايا الزوايا من كلام العلماء لا أجبُنُ عن إظهار هذا الأمر.

وقد بان لي السببُ المؤدِّي إلى تلك الغفلة. وهي أنَّ السلف من الصحابة وعلماء التابعين كانوا يرون أنَّ معنى الإله والعبادة واضح، فقد كان المشركون أنفسهم يعرفونه. وما خفي من دقائقه يُعذَر مَن جَهِله حتى يبيَّن له.

ثم إنَّ العلماء اصطدموا بالكلام فيما يتعلق بالعقائد في صفات الله تعالى وغيرها من جهة، وبتقديم الرأي والقياس على السنة من جهة أخرى؛ فانصرفت وجوههم إلى دفع ذلك.

ولما حدثت البدع التي هي في نفسها شرك كانوا ربما يفرغون للشيء بعد الشيء منها، فيزجروا عنه ويبيِّنوا (٣) أنه بدعة، ويرون أن صاحبه لا يُعدُّ مشركًا لعذره.


(١) في الأصل: "مستلزمًا"، سهو.
(٢) رسالة "العبادة" (ص ٧٣٧ وما بعدها).
(٣) كذا ورد الفعلان في الأصل بحذف النون.