للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أحسن المحامل وأكملها.

ثالثًا: أنَّ الأكل هو المحتاج إلى التقييد، ولذلك قدَّر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما يدعه الخارص بالثلث أو الربع (١).

فقلت: وأيضًا: المأمور بإيتائه معلوم مقدَّر، وهو الحقّ الذي قد بيَّنه الشارع، فتقييده بعدم الإسراف خالٍ عن الفائدة.

فقال سيّدنا أيَّده الله: هو كذلك مع الإيتاء المذكور، فأمّا أن يرجع إلى صدقة التطوّع فهو بعيد، مع أنه قد مرَّ أنَّ إعطاء الكل مطلوب في حقِّ أهل اليقين، والأولى حملُ القرآن على حالهم، كما مرّ.

أقول: وأيضًا: إنَّ جَعْلَ {وَلَا تُسْرِفُوا} قيدًا لشيء غير مذكور ــ وهو صدقة التطوع ــ بعيد، إن لم يكن ممتنعًا، ولا سيَّما مع وجود ما يحتاج إلى التقييد وهو الأكل، مع غير ذلك من الأدلة.

ثم قال سيّدنا أيَّده الله تعالى: وهل في الآية دليل على جواز الأكل بعد تتمُّرِ الرُّطَب ونحوه، أو حظره أو لا؟

ثم أخذ يقرِّر أن الظاهر ليس له ذلك.

فقلت: قد يقال: إنَّ قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} يُفهِم أنَّ ما تمَّ صلاحُه حتى صار مستحقًّا للحصاد لا يجوز الأكل منه وإن لم يُحْصَد

بالفعل.


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥٧١٣) وأبو داود (١٦٠٧) والترمذي (٦٤٣) والنسائي (٢٤٩١) وغيرهم من حديث سهل بن أبي حثمة.