[ص ٤٠] وقد يلزم المعلِّم أن يقول: إن نفيلًا ممن اشتبه عليه الأمر، وإن لم يكن بعيدًا، بل كان مع أصحاب الفيل، ولهذا خاف أن يقع عليه بعض الحجارة.
وعلى هذا الاحتمال مناقشات:
الأول: أن يقال: وما فائدة إرسال الله عزَّ وجلَّ للطير قبل نزول العذاب؟
فإن قيل: على ما جرت به عادة الطير من التحليق فوق الجيوش، على ما تقدم في الأمر الأول والثاني من أمور الفريق الثاني.
قلت: تلك الطير العادية التي اعتادت من رؤية الجيش أن تكون مقتلة، وهذه طير غريبة كما يعلم من صفاتها، وعظَّم الله تعالى شأنها بذكر أنه أرسلها.
وإن قيل: لتكون حجابًا لرمي الله عزَّ وجلَّ ــ على ما يأتي في فصل (ز) ــ قلت: إذا صححت جعلَها حجابًا، فاجعل الرمي منها، واسترح من العناء والتعسف، ومخالفة الناس جميعًا، وغير ذلك مما يلزمك.
الثاني: أن مثل هذا الاحتمال إنما يلجأ إليه إذا امتنع الظاهر، ورمي الطير بأمر الله عزَّ وجلَّ ليس بممتنع.
وسيأتي ذكر شبهة المعلِّم في امتناعه، وردّها. وحسبك أنها لم تخطر ببال أحد من الصحابة والتابعين وسائر أهل العلم من جميع الفرق حتى أثيرت أخيرًا، على ما يأتي.
الثالث: أن رمي الطير ثابت بدلالة القرآن، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وأما الاحتمال الثاني، وهو أن يكون "ممن ظن أن الضمير في قوله تعالى: {تَرْمِيهِمْ} يرجع إلى الطير"، فسياق الروايات يأباه، على أنه يقتضي