للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لمؤاخذته بالخطأ. وإن ترجح صحة ذلك المروي، فلا وجه لعدم أخذه. نعم قد تدعو المصلحة إلى عدم روايته حيث يخشى أن يغترَّ بعض السامعين بظاهره، فيقع في البدعة.

قرأت في جزء قديم من "ثقات العجلي" (١) ما لفظه: "موسى الجهني قال جاءني عمرو بن قيس المُلائي وسفيان الثوري فقالا (٢): لا تحدّث بهذا الحديث بالكوفة أن النبي عليه السلام قال لعَليّ: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى" (٣). كان في الكوفة جماعة يغلون في التشيّع ويدعون إلى الغلو، فَكَرِه عمرو بن قيس وسفيان أن يسمعوا هذا الحديث، فيحملوه على ما يوافق غلوَّهم، فيشتدّ شرُّهم.

وقد يمنع العالمُ طلبةَ الحديث عن أخذ مثل هذا الحديث، لعلمه أنهم إذا أخذوه ربما رووه حيث لا ينبغي أن يُروى. لكن هذا لا يختص بالمبتدع، وموسى الجهني ثقة فاضل لم يُنسب إلى بدعة.

هذا، وأول من نسب إليه هذا القول إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وكان هو نفسه مبتدعًا منحرفًا عن أمير المؤمنين عليّ، متشددًا في الطعن على المتشيِّعين، كما يأتي في القاعدة الآتية. للجوزجاني كتاب في الجرح والتعديل. قال في مقدمته (٤) ــ كما نقله السخاوي في "فتح المغيث"


(١) من هذا الجزء نسخة في المكتبة الآصفية (رقم ٥٤ ـ رجال)، وانظر ترتيبه (٢/ ١٨٣ - تحقيق البستوي).
(٢) الأصل: "فقال" والمثبت من كتاب العجلي.
(٣) أخرجه البخاري ومسلم.
(٤) (ص ١١ - ت البستوي). واسم كتابه "الشجرة" وطبع باسم "أحوال الرجال".