للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«القدر» ــ كما قال الأستاذ ــ فالواقع في «تاريخ بغداد» أثبت. وحال ابن أبي العوام قد أشرتُ إليها في «الطليعة» (ص ٢٧ - ٢٨) (١).

ومؤلف «الجواهر المضيئة» من أهل القرن الثامن ولم يشتهر بالضبط والإتقان (٢)، ولا بيَّن مأْخَذَه، إنما ذكر أن أبا حنيفة قد تكلَّم في الجرح والتعديل، فأورد كلمات، منها أنه قال: «كان طلق يرى القدر» (٣)، وقد يكون أخذ من كتاب ابن أبي العوام. وأصل كتاب «الجواهر المضيئة» وتصحيحه لا يوازي أصلَي «تاريخ بغداد» [١/ ٢٨١] وتصحَيحه (٤). وتحريف كلمة «العدل» إلى «القدر» هو الجاري على طريقة التصحيف والتحريف، فإن القارئ أو الناسخ إنما يعدِل عما لا يعرفه إلى ما يعرفه، وقد شرحتُ طرفًا من ذلك في قسم الفقهيات في مسألة سُهْمان الخيل من الغنيمة (٥).

وقد يفهم بعضهم من قول أبي حنيفة: «كان يرى العدل» أنه أراد بالعدل القدر؛ لأن القدرية يسمُّون أنفسهم أهل العدل، فأبْدَلها ذاك الفاهم بكلمة «القدر»؛ لأنه يرى المعنى واحدًا، وكلمة «القدر» أوضح. وإنما أراد: القول العدل، أي: الحق في زعمه يعني الإرجاء. ومن عرف أبا حنيفة وقوة عارضته جزم أو كاد بأنه لو كان عنده أن طلقًا كان قدريًّا وأن سعيد بن جبير


(١) (ص ١٨ - ١٩).
(٢) وقد وُصف خطّه بأنه حسن جدًّا، لكن قال الحافظ: «ولم يكن بالماهر».
(٣) «الجواهر المضيّة»: (١/ ٦٠).
(٤) لكن وقعت اللفظة كذلك في الطبعة المحققة من «الجواهر» كما سبق العزو إليها.
(٥) (٢/ ١٠٤ فما بعدها).