للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعت مرة كذلك، فإذا رويته كذلك لم يكن فيه كذب. فاضطُرَّ إلى إجابتهم، فسأله عباس العنبري، فأجابه بقوله: «قد حدثتكم بالبصرة» وذكر أن الوليد أخطأ فيه. فذكروا للإمام أحمد أن ابن المديني روى بلفظ «إلى خالقه»، فقال: «كذب» يريد أحمدُ أن ابن المديني يعلم أن الصواب «إلى عالمه» وأن كلمة: «إلى خالقه» كذب وقع من الوليد خطأً. وفي الحديث الصحيح: «من حدَّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» (١)، فقيل لأحمد: «إن عباسًا العنبري قال لما حدَّث به عليٌّ بـ (العسكر) قلت: إن الناس أنكروه عليك، فقال: قد حدثتكم به بالبصرة. وذكر [١/ ٣٥٨] أن الوليد أخطأ فيه». فغضب أحمد وقال: «نعم، قد علم أن الوليد أخطأ فلِمَ أراد أن يحدِّثهم به؟ يعطيهم الخطأ». وعذره في هذا ما قدمناه.

فأما تركُ أحمد وأبي زرعة الروايةَ عن عليّ بعد أن وقعت المحنة، فقد تقدم الجواب عنه في ترجمة إسماعيل بن إبراهيم بن معمر (٢).

وأما قول الأستاذ: «ونحسب أنه لم يُعِدَّ ولن يُعِدَّ» فكأنه يشير إلى أن الدعاة كانوا على حق وأن ابن المديني سايرهم عارفًا أنهم على حق، والحق لا يحتاج الإنسان إلى أن يُعِدَّ عن اختياره له جوابًا. فإن كان هذا مغزى الأستاذ، فالكلام فيه مشروح في قسم الاعتقاديات.


(١) أخرجه أحمد (٩٠٣ - زوائد عبد الله)، وابن ماجه (٣٨) من حديث علي رضي الله عنه، وإسناده صحيح. وأخرجه أحمد (١٨١٨٤)، ومسلم في مقدمة «صحيحه»: (١/ ٨)، والترمذي (٢٦٦٢)، وابن ماجه (٤١) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح.
(٢) رقم (٤٧).