وأبو داود والعجلي. وقال أبو حاتم:"شيخ صالحٌ يكتب حديثه، وهو عندي خير من أبي بكر الهذلي". والهذلي ضعيف جدًّا. وقال ابن سعد في النهشلي:"كان مرجئًا، وكان عابدًا ناسكًا، وله أحاديث، ومنهم من يستضعفه".
وأما ابن أبي الزناد، فلم يحتجَّ به صاحبا "الصحيح"، وإنما علق عنه البخاري، وأخرج له مسلم في المقدمة. ووثَّقه جماعة، وضعَّفه بعضهم، وفصَّل الأكثرون. وههنا أمران:
الأول: أن أئمة الحديث قد يتبيَّن لهم في حديثٍ من رواية الثقة الثبت المتفق عليه أنه ضعيف، وفي حديثٍ من رواية مَن هو ضعيف عندهم أنه صحيح. والواجب على مَن دونهم التسليمُ لهم، وأولى من ذلك إذا كان الراوي وسطًا كالنهشلي وابن أبي الزناد. وقد صحح الأئمة حديث ابن أبي الزناد المذكور، وليَّن البخاري والدارمي أثر النهشلي، كما مرَّ.
الأمر الثاني: إذا اختلفوا في راوٍ فوثَّقه بعضُهم، وليَّنه بعضهم، ولم يأت في حقِّه تفصيلٌ [٢/ ٣٣] فالظاهر أنه وسطٌ فيه لِينٌ مطلقًا، وهذه حال النهشلي. وإذا فصَّلوا أو أكثرُهم الكلامَ في راوٍ، فثبَّتوه في حال، وضعَّفوه في أخرى؛ فالواجب أن لا يؤخذ حكم ذاك الراوي إجمالًا، إلا في حديث لم يتبين من أي الضربين هو. فأما إذا تبيَّن، فالواجب معاملته بحسب حاله. فمن كان ثقةً ثبتًا ثم اختلط كسعيد بن أبي عروبة، إذا نظرنا في حديثٍ من روايته، فإن تبيَّن أنه رواه قبل الاختلاط فهو غاية في الصحة، أو بعده فضعيف. وابن أبي الزناد من هذا القبيل، فإن أكثر الأئمة فصَّلوا الكلام فيه. قال موسى بن سلمة: "قدمتُ المدينة، فأتيت مالك بن أنس، فقلت له: إني قدِمتُ إليك