للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأسمع العلم، وأسمع ممن تأمرني به. فقال: عليك بابن أبي الزناد". ومالك مشهور بالتحري لا يرضى هذا الرضا إلا عن ثقة لا شكَّ فيه. ولذلك عدَّ الذهبي هذا توثيقًا، بل قال في "الميزان" (١): "وثَّقه مالك. قال سعيد بن أبي مريم: قال لي خالي موسى بن سلمة: قلتُ لمالك: دُلَّني على رجل ثقة. قال: عليك بعبد الرحمن بن أبي الزناد".

وقال صالح بن محمد: "تكلم فيه مالك لروايته عن أبيه كتاب السبعة ــ يعني الفقهاء ــ وقال: أين كنا عن هذا! ". وإنما روى هذا بعد أن انتقل إلى العراق، كما يأتي عن ابن المديني. وقال عبد الله بن علي ابن المديني عن أبيه: "ما حدَّث بالمدينة فهو صحيح، وما حدَّث ببغداد أفسده البغداديون. ورأيت عبد الرحمن بن مهدي يخط على أحاديثه، وكان يقول: في حديثه عن مشيختهم فلان وفلان وفلان. قال: "ولقَّنه البغداديون عن فقهائهم". يعني الرواية عن أبيه عن المشيخة بالمدينة أو الفقهاء بها، وهذا هو الذي حكى صالح بن محمد أن مالكًا أنكره. تبين أن ابن أبي الزناد إنما وقع منه ذلك بالعراق، وابن مهدي إنما كان عنده عن ابن أبي الزناد مما حدَّث به بالعراق، كما يدل عليه كلام ابن المديني، ويأتي نحوه عن عمرو بن علي.

وقال يعقوب بن شيبة: "ثقة صدوق، وفي حديثه ضعف. سمعت علي ابن المديني يقول: حديثه بالمدينة مقارب، وما حدَّث به بالعراق فهو مضطرب. قال علي: وقد نظرتُ فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي، فرأيتها مقاربة". وقال عمرو بن علي: "فيه ضعف، فما حدَّث بالمدينة أصحُّ مما حدَّث ببغداد. كان عبد الرحمن يخطُّ على حديثه". وقال الساجي: "فيه


(١) (٢/ ٥٧٥). وانظر "تهذيب التهذيب" (٦/ ١٧١ - ١٧٣) لأقوال النقَّاد فيه.