يصدُق على الموصوف حقيقةً حين وجود المعنى المشتق منه، فإن لم يمكن فآخر جزء منه. فأما قبل حصوله فمجاز كونيٌّ، أي باعتبار ما سيكون. واختلف فيما بعد زواله، فقيل: حقيقة، وقيل: مجاز كوني، [٢/ ٥٢] أي باعتبار ما كان.
فأقول: هذا الأصل يقضي بأنه لا يصدُق حقيقةً على الإنسان لفظُ "بائع" إلا حين وجود البيع حقيقة، وإنما يكون ذلك عند آخر حرفٍ من الصيغة المتأخرة. والحديث يُثبِت أن لكل منهما حينئذٍ الخيار، ويستمرُّ إلى أن يتفرقا، وهذا قولنا.
وأوضح من ذلك أن الذي في الحديث:"المتبايعان"، والتفاعل إنما يوجد عند وجود فعل الثاني، ألا تراك إذا ضربتَ رجلًا أنه لا يصدق عليكما "متضاربان"، ولا عليك أنك أحد المتضاربَين، وإنما يصدق ذلك إذا عقب ذلك ضربُه لك، فحينما تصيبك ضَرْبتُه يوجد التضاربُ حقيقةً، فيصدق عليكما أنكما متضاربان، وأنك أحد المتضاربين.
فإن قلت: كيف وقد زال فعلي؟
قلت: الزائل هو ضربك، والفعل المشتق منه هنا هو التضارب، وهو فعلٌ واحدٌ ضربُك جزء منه، والجزء لا يشترط بقاؤه ولا يضرُّ زواله. ألا ترى أنه يصدق حقيقةً على مَن يتكلم أنه "متكلم" عند آخر حرف من كلامه مع أن أكثر الحروف قد زالت! فإنما يصدق حقيقةً على المتبايعَين أنهما "متبايعان" عند آخر حرف من صيغة المتأخر منهما، وحينئذ يثبت لهما بحكم الحديث الخيار مستمرًّا إلى أن يتفرقا، وهذا قولنا.