للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعمري، لقد تكرَّر في الأخبار ذكرُ المِجنّ، وإنَّ بعضَ الألفاظ لَيُوهِم اعتبارَ المِجنّ، إلا أن الناس فهموا أن سبب التكرر هو أن أقلَّ ما قطع [فيه] النبي صلى الله عليه وآله وسلم مِجَنٌّ، وحملوا ما يُوهِم اعتبارَ المجن على ما تقدَّم مفصلًا. ولم يُعرِّجْ أحد منهم على هذا المسلك الطريف، ولكن:

لكل ساقطةٍ في الأرض لاقطةٌ ... وكلُّ كاسدةٍ يومًا لها سوقُ (١)

ومن العجيب أنه لم يرتضِ دعوى بعض أسلافه النسخَ، ثم وقع فيها؛ وأنه يقول: إن أحاديث «الصحيحين» قطعية الثبوت، ثم يخالف صرائحها، ويتشبث بما لم يثبت مما فيه ذكر العشرة!

فأما حديث هشام عن أبيه عن عائشة فاختلف فيه الرواة عن هشام سندًا ومتنًا.

أما السند، فمنهم من ذكر عائشة، ومنهم من لم يذكرها وجعله مرسلًا من قول عروة. نبَّه على ذلك البخاري في «الصحيح» (٢)، والصواب ذكر عائشة.

وأما المتن، فعلى ثلاثة أوجه:

[٢/ ١٣٨] الأول: ما رواه البخاري (٣) عن عثمان بن أبي شيبة، عن عبدة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة «أن يد السارق لم تُقطَع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -


(١) لم أجد البيت في المصادر، والمثل «لكل ساقطة لاقطة» في «الحيوان» (١/ ٢٠١).
(٢) عقب الحديث رقم (٦٧٩٣)، قال: «رواه وكيع وابن إدريس عن هشام عن أبيه مرسلًا».
(٣) رقم (٦٧٩٢).