للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر الرابع: اعتقاد أن مقالات الفلاسفة متينة جدًّا لبنائها على التحقيق البالغ في المعقول، مع البراءة من التقليد والتعصُّب.

الأمر الخامس: توهم أن عند الباطنية علمًا غريبًا لمعرفتهم بالفلسفة، ودعواهم معرفة أسرار الدين، ونشاط دعاتهم في ذاك العصر.

الأمر السادس: توهُّم أن عند الصوفية جليةَ الأمر، لدعواهم أنهم بتهذيبهم أنفسهم انكشفت لهم حقائق الأمور كما هي، مع ما يظهر منهم من شرح بعض الحقائق بأدقَّ مما يشرحها الفلاسفة والباطنية، وما يظهر لشيوخهم من الكشف عن الخواطر والإخبار عن بعض المُغَيَّبات والأحوال الغريبة، مع شهادة الفِرَق كلِّها أن لرياضة النفس وتهذيبها أثرًا بالغًا في ترقية مداركها.

الأمر السابع: زعمُ أن متكلمي الأشاعرة قد فَرَغوا من الردّ على أصحاب الحديث وعلى المعتزلة وغيرهم من المتكلمين، وبقي مقالة الفلاسفة والباطنية والصوفية.

وهذا الأمر السابع هو كالنتيجة للأمور التي قبله، فكان هو المستولي على ذهن الغزالي، كما يتضح من شرح حاله في كتابه الذي سماه "المنقذ من الضلال"، وترى ملخَّص ذلك في "شرح العقيدة الأصفهانية" (ص ٩٤) (١) فما بعدها.

[٢/ ٢٣٥] ومما ذكره: أنه كان أولًا يشكُّ في صحة الحِسّيات والبديهيات، ثم زال ذلك. قال (٢): "ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام،


(١) (ص ٥٨٠ وما بعدها) ط. دار المنهاج.
(٢) "المنقذ من الضلال" (ص ٨٦ وما بعدها).