للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل بنورٍ قذفَه الله تعالى في الصدور ... ولما كفاني الله تعالى هذا المرضَ انحصرتْ أصنافُ الطالبين عندي في أربع فرق: المتكلمون ... والباطنية ... والفلاسفة ... والصوفية ... فقلت في نفسي: الحق لا يعدو هذه الأصناف الأربعة، فهؤلاء السالكون سبيل طلب الحق، فإن شذَّ الحق عنهم فلا يبقى في دَرْك الحق مطمع ... فابتدأت (١) لسلوك هذه الطرق واستقصاء ما عند هؤلاء الفرق". ثم ذكر أنه ابتدأ بتحصيل الكلام، فحصَّله، وعقَلَه، وصنَّف فيه. قال (٢): "فلم يكن الكلام في حقي كافيًا، ولا لدائي الذي أشكوه شافيًا ... فلم يحصل فيه ما يمحو بالكلية ظلمات الحيرة". ثم ذكر تحصيله الفلسفة والتبحر فيها ثم قال (٣): "علمت أن ذلك أيضًا غير وافٍ بكمال الغرض، فإن العقل ليس مستقلًّا بالإحاطة بجميع المطالب، ولا كاشفًا للغطاء عن جميع المعضلات". ثم ذكر الباطنية إلى أن قال (٤): "فهؤلاء أيضًا جرَّبناهم وسَبَرنا باطنهم وظاهرهم". وذكر أنه لم يجد مطلوبه عندهم، قال (٥): "ثم إني لما فرغت من هذه أقبلتُ على طريق الصوفية ... " فذكرها وأطال في إطرائها، على عادته في إطراء ما يحصل له، كما أطرى الفلاسفة أولًا فقال: إن من لا يعرف المنطق لا ثقة له بعلمه (٦)، ولأنه كان يرى أن


(١) كذا في (ط) و"شرح الأصفهانية" ونسخة من "المنقذ". وفي مطبوعة "المنقذ": "فابتدرتُ". وهو أولى.
(٢) "المنقذ" (ص ٩٢).
(٣) المصدر السابق (ص ١١٧، ١١٨).
(٤) المصدر السابق (ص ١٢٩).
(٥) المصدر السابق (ص ١٣٠).
(٦) قاله في "المستصفى" (١/ ١٠).