للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى معاوية، وهذه من وحي الشياطين، وتقوُّلات الرافضة والقصَّاصين، ولا نثبت لأبي هريرة صلة بمعاوية إلا أنه وفد إليه بعد استقرار الأمر له كما كان يَفِدُ إليه بنو هاشم وغيرهم. وينعى علىه استخلاف مروان له على إمرة المدينة، وتقدَّم (ص ١٠٨) (١) أن ذاك الاستخلاف لم يزد أبا هريرة إلا تواضعًا وانكسارًا وتهاونًا بالإمارة، فإن كان لذلك أثر فهو إحياؤه كثيرًا من السنة، كما تقدم.

وأحاديث أبي هريرة في فضائل أهل البيت معروفة، وكذلك محبَّته لهم وتوقيره، وشدّة إنكاره على بني أمية لما منعوا أن يُدفَن الحسن بن عليّ مع جَدّه - صلى الله عليه وسلم -، وقوله لمروان في ذلك: «والله ما أنت بوالٍ، وإن الوالي لغيرُك، فدعه، ولكنك تدخل فيما لا يعنيك، وإنما تريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك» يعني معاوية. راجع «البداية» (١٠٨: ٨) (٢). ومن المتواتر عنه: تعوُّذه بالله من عام الستين وإمارة الصبيان (٣)، كان يعلن هذا ومعاوية حيّ، وذلك يعني موت معاوية وتأمّر ابنه يزيد، وقد كان ذلك عام الستين بعد موت أبي هريرة بمدَّة.

قال أبورية ص ١٨٨: (روى البيهقي عنه: أنه لما دخل دار عثمان وهو محصور استأذن في الكلام، ولما أُذن له قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنكم ستلقون بعدي فتنة واختلافًا، فقال له قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله ... أو ما تأمرنا؟ فقال:


(١) (ص ٢٠٩).
(٢) (١١/ ٣٧٤).
(٣) أخرجه أحمد (٨٣١٩، ٨٣٢٠)، والبزار: (١٦/ ٢٤٩) وغيرهم بلفظ «رأس السبعين». وانظر حاشية المسند. وأخرجه الطبراني في «الكبير» (٤٠٠)، و «الأوسط» (١٣٩٧) من طريق آخر بلفظ: «رأس الستين».