للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقضي بعكس الدعوى المذكورة.

[ص ١٥٧] المجازفة الثانية: زَعَم أنّ بعض أحاديثه سمعها من التابعين، إن أريد أحاديثه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإننا لا نعرف له حديثًا كذلك، ورواية الصحابي الذي سمع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كأبي هريرة عن تابعيّ عن صحابيّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بغاية القِلّة، وإنما ذكروا من هذا الضرب حديثًا لسهل بن سعد وآخر للسائب بن يزيد، وقد تُوُفِّي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وسهل ابن خمس عشرة سنة، والسائب ابن سبع سنين، وذكروا أن الحافظ العراقي تَتَبَّع ما يدخل في هذا الضرب فجمع عشرين حديثًا (١)، لعل منها ما لا يصح، وباقيها من أحاديث أصاغر الصحابة كالسائب.

قال: (وقد ثبت أنه كان يسمع من كعب الأحبار).

أقول: أيَّ شيء سمع منه؟ إنما سمع منه أشياء يحكيها عن صحف أهل الكتاب، وذلك فنّ كعب.

قال: (وأكثر أحاديثه عنعنة).

أقول: أما عنعنته فقد قدمنا (ص ١١٤ - ١١٧) (٢) أنها تكون على احتمالين: إمّا أن يكون سمع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإما عن صحابي آخر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. فأما الاحتمال الثالث: أن يكون إنما سمع من تابعي ــ كعب أو غيره ــ ومع ذلك رواه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - = فهذا من أَبْطَل الباطل قطعًا، وراجع ما تقدم


(١) ذكرها العراقي في «التقييد والإيضاح»: (١/ ٣٩٢ ــ ٤٠٦ ــ البشائر). وجمع فيها الخطيب البغدادي رسالة، ولخصها مع ترتيبها الحافظ ابن حجر في جزء سماه «نزهة السامعين في رواية الصحابة عن التابعين» مطبوع.
(٢) (ص ٢١٩ ــ ٢٢٧).