وفي عدد منها بدون كلمة "متعمدًا" أو بما يؤدِّي معناه.
والعارف إذا تدبَّر هذه القضية علم أن هناك عدة احتمالات:
الأول: أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - كرَّر النهي في مناسبات متعددة؛ لأن شأن هذا الأمر عظيم.
الثاني: أن يكون لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدًا، ولكنّ الرواة تصرَّفوا فيه بحسب الرواية بالمعنى.
الثالث: أن يكون بعض الرواة زاد أو نقص خطأ.
الرابع: أن يكون بعضهم زاد أو نقص عمدًا.
فأما العارف بالسُّنَّة ورواتها، فإنه إذا أخرج من حسابه الروايات التي يكون في سندها كذَّاب أو متهم أو مغفَّل أو مجهول= سقط الاحتمال الرابع.
ثم أخرج من حسابه الروايات التي يكون في سندها من يُخطئ، وقد جاء بلفظ ليس له متابعة صحيحة ولا شاهد صحيح= سقط الاحتمال الثالث.
ثم إذا وجد أن الروايات الصحيحة التي فيها ذكر "متعمدًا" أو ما في معناه متعددة، والروايات الصحيحة التي ليس فيها هذه الكلمة أو ما في معناها متعددة= لم يسعه إلا أن يقول: إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يذكر كلمة "متعمدًا" أو ما في معناها تارةً، ويسكت عنها أخرى. ولهذا نظائر في كتاب الله عزَّ وجلَّ، [ص ٧] فقد وعد الله عزَّ وجلَّ الجنة جزاءً لبعض الأمور ولم يقيّدها كلها بالموت على الإيمان، وقَيَّد بذلك في بعضها، وأوعد الله عزَّ وجلَّ بالنار على الكفر وغيره ولم يقيّد بعدم التوبة، وقَيَّد بذلك في بعض المواضع.