للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه كانت حال النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ولعل سِنَّه حينئذٍ دون الثلاثين؛ فإنه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم تزوج خديجة رضي الله عنها وهو في الخامسة وعشرين (١) من عمره، فوهبت له زيد بن حارثة، فلعلَّ هذه القصة كانت بعد ذلك بقليل. والله أعلم.

ولما سمع صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كلام زيد بن عمرو بن نفيلٍ تبيَّن له خلاف ما كان يحسب في الذبح [ز ٢٤] على الأنصاب، فاجتنبه واجتنب الأكل مما ذبح عليها.

ومن ذلك ما صحَّ من حديث جابرٍ قال: "لما بُنِيَت الكعبة ذهب النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: اجعل إزارك على رقبتك يَقِك من الحجارة، فخرَّ إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء، ثم أفاق فقال: إزاري إزاري فَشُدَّ عليه إزاره" (٢).

وذكر الحافظ له شواهد في هذا الباب، وفي كتاب الحج، باب فضل مكة، منها: عن العباس قال: "لما بنت قريشٌ الكعبة انفَرَدَتْ رجلين رجلين ينقلون الحجارة، فكنت أنا وابن أخي فجعلنا نأخذ أُزُرَنا فنضعها على مناكبنا ونجعل عليها الحجارة، فإذا دنونا من الناس لبسنا أُزُرَنا، فبينما هو أمامي إذ صرع فسعيت وهو شاخص ببصره إلى السماء، قال: فقلت لابن


(١) كذا في الأصل، وانظر: سيرة ابن هشام ١/ ١٧٨.
(٢) صحيح البخاريِّ، كتاب المناقب [وفي السلطانيَّة: كتاب مناقب الأنصار]، باب بنيان الكعبة، ٥/ ٤١، ح ٣٨٢٩. [المؤلف]