للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يشاءها الله تعالى، فمَن جَوَّزَ مع ذلك أن لا تتعلَّق بها القدرة كان مُجوِّزًا للعجز لا محالة.

فالحقُّ أن هذا رجل كان عنده جهل بالبعث والقدرة ولم يُقَصِّرْ تقصيرًا هادمًا فعذره الله تعالى.

وقريبٌ من هذا ما قصَّه الله تبارك وتعالى عن الحواريين، قال سبحانه: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (١١١) إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١١٢) قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} إلى قوله: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (١١٥)} [المائدة: ١١١ - ١١٥].

فالآية ظاهرةٌ في أن القوم كانوا قد أسلموا، وأخذوا بحظٍّ من الإيمان، ولكن بقي في قلوبهم شيءٌ من الجهل والشكِّ، ولم يوجب هذا أن يُعَدُّوا كفَّارًا أو مرتدِّين، ألا ترى إلى قول عيسى: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ١١٢]، ومثل هذا إنما يخاطَب به مَن عنده إيمانٌ في الجملة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨].

وقد اضطرب الناس في قضية الحواريين؛ لعلمهم أنهم كانوا قد أسلموا وأن مقالتهم لم تخرجهم من الدين، فمن الناس مَنْ شَذَّ فقرأ "هل تستطيع