للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربَّك" على معنى هل تستطيع سؤال ربِّك (١)، ومنهم من أغرب فحمل (يستطيع) على معنى (يريد) أو (يجيب). وقد تردَّد ابن جريرٍ في ذلك، ثم قرَّر "أنَّ القوم كانوا قد خالط قلوبهم مرض وشك في دينهم وتصديق رسولهم" (٢).

أقول: وأنا لا أرتضي قوله: "مرضٌ" فإن مجرَّد الشكِّ والتردُّد وضعف اليقين لا يسمى مرضًا حتى يكون معه خبثٌ وعنادٌ وبغضٌ للحقِّ، ومثل هذا يمنع الاهتداء، كما قال تعالى في المنافقين: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} [البقرة: ١٠].

قال الراغب: "ويُشبَّه النفاق والكفر ونحوهما من الرذائل بالمرض إما لكونها مانعةً عن إدراك الفضائل كالمرض المانع للبدن من التصرُّف الكامل ... " (٣).

[ز ٣٠] ومن الناس من تأوَّل الآية (٤)، ثم قال: إنما أراد القوم الطمأنينة كحال إبراهيم عليه السلام فيما قصَّه الله تبارك وتعالى من حاله بقوله: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ


(١) هذه القراءة ليست شاذَّةً، بل قرأ بذلك الكسائيُّ من القرَّاء السبعة، وهي قراءةٌ متواترةٌ. انظر: السبعة لابن مجاهدٍ ٢٤٩، النشر في القراءات العشر لابن الجزريِّ ٢/ ٢٥٦.
(٢) تفسيره ٧/ ٧٨ - ٧٩. [المؤلف]
(٣) المفردات ص ٧٦٥.
(٤) يعني قوله تعالى: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.