يصلّي مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فيعجِّل بهم؛ لأنه لا يحتاج إلى التأخير؛ لعدم صلاته مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو يترك معاذ الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فيعجِّل بهم، لعدم احتياجه إلى التأخير.
فإذا قلنا: إن الجملة المذكورة تتضمن النهي عن الجمع بين الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والصلاة بالقوم، فقد اتضح أن علة هذا النهي هي لزوم التأخير الذي شكاه القوم، وفيه تشديدٌ عليهم يُخشَى منه افتتانُ بعضهم.
والحاصل: أنه على هذا الاحتمال يكون تقدير الطحاوي صحيحًا في الجملة، ولكن علة المنع إنما هي استلزام التأخير كما هو واضح من دلالة المقام والسياق.
وعلى هذا، فلو فُرِض أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عجَّل العشاء في بعض الأيام بحيث لو صلَّى معاذ معه، ثم عاد إلى قومه معاذٌ في وقت لا يكون فيه تأخير يشقُّ عليهم، أو رَضُوا كلُّهم بالتأخير وأحبُّوه، أكان لهم أن يؤمَّهم معاذ بعد أن صلى مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ وذلك أنهم يقولون: إنما نهى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لمعنًى هو الآن منتفٍ، وهو التأخير الذي يُخشَى منه الفتنة.
وعلى هذا، فليس في الجملة المذكورة إنكاره لعلة أخرى، وإذًا فليس فيها إنكار لائتمام المفترض بالمتنفل، وإذًا فسكوته - صلى الله عليه وآله وسلم - عن التعرض لذلك بعد علمه بصنيعهم تقريرٌ على صحة ذلك، وهو المطلوب.
وذكر بعض أئمة الحنفية في الهند (١): أن الجملة المذكورة شبيهة بقوله
(١) هو الشيخ أنور شاه الكشميري (ت ١٣٥٢) في كتابه «فيض الباري على صحيح البخاري» (٢/ ٢٢٨).