للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الأحاديث المارَّة، فكُلُّها لا تخلو عن نظر.

أما حديث سهل: «ما كنا نَقِيل ولا نتغدّى إلا بعد الجمعة»، فالجواب عنه: أنَّهم كانوا يُبكِّرون إلى الجامع؛ امتثالًا للأمر، وطلبًا لعِظَم الأجر، فكانوا يشتغلون عن القيلولة والغداء بالمُكْثِ في المسجد والصلاة، فإذا خرجوا ناموا وتغدَّوا.

وأطْلَق «نَقِيل» على النوم بعد الظهر؛ لأنه عِوَض عن القيلولة التي هي نوم نصف النهار.

[ص ٤] وأما حديث سلمة؛ فقد فسَّرتْه رواية مسلم: «كنا نُجمِّع معه إذا زالت الشمس»، ومع ذلك فالنفي منصبٌّ على القيد، أي: ليس هناك من الظلِّ ما يُستظلُّ به، كما تدل عليه الرواية الأخرى «نتتبَّعُ الفيءَ».

فإن قيل: فقد كان النَّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يُطيل الخطبة، كما يدلُّ عليه حديث مسلم (١) عن أم هشام قالت: ما حفظتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلَّا من فِي رسولِ الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يقرؤها على المنبر كلَّ جمعة.

ويُطيل الصلاة، فيصلِّيها بالجمعة والمنافقين، كما في «صحيح مسلم» (٢) عن علي وابن عباس وأبي هريرة.

وهذا يدلّ أنه كان يشرع في الخطبة قبل الزوال، إذ لو كان بعده لما فرغ إلا وقد صار للحيطان ظلٌّ يُستظَلُّ به، وقد نفاه سلمة في حديثه الثابت في «الصحيحين».


(١) رقم (٨٧٣).
(٢) رقم (٨٧٧، ٨٧٩).