فلو جمع الثلاث ربما ندم بعد ساعة، كما هو مشاهدٌ بكثرة فاحشة في جميع البلدان، فأدخل بذلك الضرر على نفسه، وعليها إذا كانت تحبه، أو لا يرغب فيها غيره كما في الهند وغيرها من الأقطار، تقل فيها الرغبة في زواج الثيبات، ولا سيما المطلقات، حتى لا تكاد تسمع بمطلقة تزوجّها رجلٌ آخر.
ويدخل الضرر على أطفاله منها، إن كانوا، فإنهم إن بقوا عندها بعدوا عن أبيهم، فأضر ذلك به وبهم، وقد لا يكون عنده من المال ما يكفي لأن يرسل إليهم نفقة تكفيهم، وإن اتفق أن تزوجت رجلًا آخر، فإما أن يكونوا معها، وذلك بلاء عليهم، وإما أن تدَعَهم عند أمها، فيمسوا محرومين من أبيهم وأمهم مع أنهما حيان، وإن أبقاهم عنده فإن لم يتزوج كانوا عذابًا عليه، ولم يكن عنده من يقوم بمصالحهم من النساء، وإن كان فليست كأمهم، وإن تزوج كانت هذه المرأة عدوةً طبيعية لأولاده من الأولى، كما هو مشاهد.
فاجعلْ كراهيةَ الشرع وهذه المضارَّ في كِفَّة، وما قد يقصده الزوج من تلك المنافع في كفة، وانظر أيهما يرجح.
هذا، مع ما تقدم من أن تلك المنافع مذمومة وغير مقررة في الشرع، مما يبعد أن يُقِيم لها الشرعُ وزنًا البتة.
قالوا: ولو كان لهذه المنافع أثرٌ في الشرع لكان أباح إيقاع الثلاث دفعةً، وقد اتفقنا على رده، وكان يلزمكم إذ لم تُسندِوا جواز إتباع الطلقة الثانية ثم الثالثة إلا إلى احتمال تلك الأغراض أن تقيّدوا الجواز بوجود غرضٍ مباحٍ منها إن كان، فكيف تكون سندًا لتشريع عامٍ وهي نادرة؟ ! هذا خلاف سنة الشرع، فإن سنته أن يُراعي الغالب ويُلغي النادر، لا عكسه.