وفيه نظر، إذ يقال: لم يقصد بقوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} إثبات إرثهما ولا بيان مالهما، وإنما المقصود به بيان وجودهما معه، كقوله:{وَلَهُ أُخْتٌ} من قوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} إلّا أنه قد يُخدَش في هذا بأنه لو كان هذا هو المقصود لقيل: "وله أبوان" مع أن وجود الأبوين معروف في الكلام بدون هذه الزيادة كما تقدم، وقد يُجاب عن هذا بأنه إنما عدل عن قوله:"وله أبوان" لأن التعبير بقوله: "وله كذا" إنما يَحسُن فيما قد يكون وقد لا يكون، كالولد والإخوة، فأما الأبوان فكلُّ إنسانٍ غير آدم وحواء وعيسى له أبوان.
وقد يُخدَش في هذا بأنه حيث جاء في آيات الفرائض "وله ولد""وله إخوة" المقصود منها وجود من ذُكِرَ حيًّا غيرَ ممنوعٍ من الإرث، فلو قيل:"وله أبوان" لكان: وله أبوان حيَّان غير ممنوعَيْنِ، وهذا صحيح في حقّ كل إنسان.
وقد يُجاب بأن الأمر كذلك، ولكن الصورة الظاهرة من قوله:"وله أبوان" قد تُوهِم أن من الناس مَن ليس له أبوان مطلقًا، وهذا مما تقتضي البلاغة اجتنابه.
بلى، قد يقال: المعنيانِ محتملانِ، أن يكون المعنى:"وله أبوان"، أو يكون:"وورثه أبواه جميعَ ماله"، أو غير ذلك، ولم يُسمَع بما ذكرنا. وإذا كان الأمر كذلك فالتأسيس أولى من التأكيد.
أقول: على كل حال، ليس هذا المحملُ بذاك، والله أعلم.
المحمل الرابع ــ ولم أرَ مَن تعرَّض له أيضًا ــ:"ورث" ونحوه مما اشتقّ من الإرث قد يُعدَّى إلى المال ونحوه مما كان للموروث منه بدون ذكر