للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموروث منه، وهذا هو الغالب في القرآن، كقوله تعالى: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}، وقوله: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} وغير ذلك في نحو عشرين موضعًا من القرآن، ومنه في قول أكثر المفسرين من الصحابة وغيرهم وعليه سبب النزول قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}، ففي "صحيح البخاري" (١) وغيره عن ابن عباس: "كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهم تزوَّجَها، وإن شاءوا زوَّجوها، وإن شاءوا لم يُزوِّجوها، وهم أحقُّ بها من أهلها، فنزلت هذه الآيات". فالحاصل أنهم كانوا يَعدُّون امرأة المتوفَّى من جملة تركتِه، فحكمها عندهم حكم المال، يَرِثونها كما يرثون المال.

وقد يُعدَّى إلى الموروث منه فقط، فيعدَّى إليه تارةً بنفسه وتارةً بـ "مِن"، كقوله تعالى فيما قصَّه عن زكريا: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: ٥ ــ ٦]. وقد يُعدَّى بـ "عن"، كقول عمرو بن كلثوم (٢):

وَرِثنا المجدَ عن آباءِ صدقٍ ... ونُورِثُه إذا مِتْنا بَنِينا

وقد يُعدَّى إلى الاثنين معًا، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} إلى قوله: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا} [مريم: ٧٧ ــ ٨٠].


(١) رقم (٤٥٧٩). وأخرجه أيضًا أبو داود (٢٠٨٩) والنسائي في "الكبرى" (١١٠٩٤) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ١٣٨) وغيرهم.
(٢) في معلقته، انظر "شرح المعلقات" للزوزني (ص ١٣٢).