للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا على أنه كان مقبولًا عند ابن المسيِّب.

فأما رواية الدوري فيردُّ عليها أنَّ ابن معين كان يظنُّ أنَّ هذا الرجل ــ أعني ابن أُكيمة ــ هو وحفيده واحد؛ ولذلك قال: "روى عنه محمد بن عمرو وغيره". ويحتمل أنه إنما عرف الثقة في الذي روى عنه محمد بن عمرو، وظنَّه شيخ الزهري. وهذا الاحتمال مانع من العمل بتوثيقه.

الثاني: أنهم لم يستنكروا حديثه، وهذا الأمر هو حاصل عبارة أبي حاتم، وعمدة ابن حبَّان؛ فإنه يوثِّق المجهول الذي يروي عن ثقة، ويروي عنه ثقة؛ إذا كان حديثه غير منكر، ويُخرِّج له في "صحيحه". وأما الترمذي فإنه متساهلٌ في التحسين؛ حتى قال الذهبي في تصحيحه وتحسينه ما قال.

[ص ٦٦] فأما الأمر الأول فالمنصف يعلم أنَّ مثله لا يكفي في التوثيق؛ فقد يكون ابن المسيِّب يجهل حال هذا الرجل، ورأى أنَّ حديثه يمكن أن يكون صحيحًا بالتأويل الذي سنذكره إن شاء الله تعالى، ومنعه تواضعه وكرم أخلاقه أن يستقبل ابن أكيمة بما يكره مع احتمال صحَّة حديثه.

وقد وقع لغير ابن أكيمة كما وقع له فلم يُعدَّ ذلك توثيقًا؛ فقد روى الزهري عن أبي الأحوص مولى بني ليث عن أبي أيوب وأبي ذر وغيرهما. وقال الزهري في بعض الروايات الصحيحة عنه: سمعت أبا الأحوص مولى بني ليث في مجلس ابن المسيِّب، ومع ذلك قال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء.

فقال ابن عبد البر (١): قد تناقض ابن معين، وذكر قوله في ابن أكيمة؛


(١) كما في "تهذيب التهذيب" (١٢/ ٥).