للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيوخه، أو لوقوعها من جهة بعض الحفَّاظ النقَّاد المحققين سماع المعنعن".

ثم قال بعد ذلك: "وما أشار إليه شيخنا من إطلاق تخريج أصحاب الصحيح لطائفةٍ منهم حيث جعل منهم قِسمًا احتمل الأئمةُ تدليسَه، وخرَّجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه كالثوري، يتنزَّل على هذا؛ لاسيَّما وقد جعل من هذا القسم: من كان لا يدلِّس إلَاّ عن ثقة كابن عيينة. وكلام الحاكم يساعده؛ فإنه قال: ومنهم جماعة من المحدثين المتقدِّمين والمتأخرين، مخرَّج حديثهم في الصحيح؛ لأنَّ المتبحِّر في هذا العلم يميِّز بين ما سمعوه وبين ما دلَّسوه".

فكلام السخاوي ينبِّهك على أنَّ اغتفار عنعنة تلك الطبقة مخصوص بأحاديثهم التي في "الصحيحين".

وكلام الحلبي والحاكم ظاهر في أنَّ الاغتفار إنما هو للظنِّ بأنَّ صاحب الصحيح اطَّلع على روايةٍ مصرَّحٍ فيها بالسماع. أو يكون المعنعن لا يدلِّس إلَاّ عن ثقة؛ يعني: ثقة متفق عليه كما صرَّحوا به، وقد ذكر ابن حبَّان أنَّ هذا خاص بابن عيينة. أو على أنه كان لا يدلِّس إلَاّ عن بعض شيوخه، أي ولم يكن يدلِّس عن شيخه هذا. أو لوقوعها من جهة بعض الحفاظ النقاد؛ أي الذين صرَّحوا بأنهم لا يروون عن ذلك المدلِّس إلَاّ ما اطلعوا على أنه سمعه.

أقول: ومع هذا فقد ناقش ابن دقيق العيد وغيره في المسألة من أصلها كما ذكره السخاوي. وقد نُقِل عنه أنه قال (١): "هذه إحالة على جهالة،


(١) نقله الحافظ عن ابن دقيق العيد في "النكت على ابن الصلاح" (٢/ ٦٣٥).