للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولنقتصر على هذه الفروق. بقي علينا أن نبيِّن أنه لا يوجد منها فرق واحد ولا ما يُشبهه ما بين بيع الدراهم بأزيدَ منها إلى أجلٍ وبين إقراضها بشرطِ ردِّ أزيدَ منها.

أما الفرق الأول: فإن الشارع إنما استحبّ القرض ورغَّب فيه لما فيه من الإحسان والمعروف، وهذه المعاملة نقيض الإحسان والمعروف، فالمتعاقدانِ إنما عبَّرا عن المعاملة التي يبغضها الله تعالى بلفظٍ وُضِع لما يحبه، ولا يخفى أن ذلك مما يوجب التشديد لا التسهيل.

وأما الثاني فالبيع هنا حرام بغير تنزيل، فإذا عدلَا عن صيغته إلى صيغة القرض لم يكونا مخالفينِ لتنزيلٍ بُنيت عليه حرمةُ البيع حتى يستحقّا التحليل.

وأما الثالث فلفظ القرض وإن أشعرَ بالمعروف والصلة، فالشرط ينفي ذلك ويحقّق أن المقصود المغابنة.

وأما الرابع فالقصد هنا ليس خفيًّا أو غير منضبط؛ لأن الشرط يوضح أن مقصود المعطي ذبحُ المعطَى.

وقد نقل صاحب الاستفتاء من كتاب «المعرفة» للبيهقي كلامًا للشافعي يدلُّ على أن القرض بشرط الزيادة عنده بيع باطل، وهذا لفظه: «قال الشافعي: وكان من ربا الجاهلية أن يكون للرجل على الرجلِ الدينُ، فيحلّ الدين، فيقول له صاحب الدين: أتَقضِي أم تُربي؟ فإن أخَّره زاد عليه وأخَّره ... قال الشافعي: فلما رُدَّ الناسُ إلى رؤوس أموالهم كان ذلك فسخًا للبيع الذي وقع على الربا» (١).


(١) «معرفة السنن والآثار» (٨/ ٢٩).