للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفس من المستسلف ولم يكن ذلك على شرط ولا وأيٍ ولا عادةٍ كان ذلك حلالًا لا بأس به».

قال الباجي في «شرحه»: «فأما الشرط فلا خلاف في منعه، وأما العادة فقد منع من ذلك مالك أيضًا. وأما أبو حنيفة والشافعي فيكرهانه، ولا يريانه حرامًا. والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك ... ». «المنتقى» (ج ٥ ص ٩٧).

وفي «مصنَّف ابن أبي شيبة» (١) عن ابن المسيب والحسن أنهما كانا لا يريان بأسًا بقضاء الدراهم البيض من الدراهم السود ما لم يكن شرطًا. وعن إبراهيم أنه لم يكن يرى بذلك بأسًا ما لم يكن شرطًا أو نيةً. وعن الشعبي: قيل له: الرجل يستقرض، فإذا خرج عطاؤه أعطى خيرًا منها، قال: لا بأس ما لم يشترط أو يُعطيه التماسَ ذلك. وعن الحكم وحماد قالا: إن لم يكن نوى فلا بأس. وعن الشعبي: قيل له: يُقرِض (٢) الرجل القرض وينوي أن يُقضى أجودَ منه، قال: ذلك أخبث.

أقول: فإذا جرت العادة بالزيادة أو الهدية، أوشك أن تصحبها النية. وهذا مَحملُ رواية بُريد لو صحت، بدليل قوله: «إنك في أرضٍ الربا فيها فاش»، وإذا فشا الربا في البلد أوشك أن تجري فيها العادة بذلك والنية، وإذا ثبتت العادة جاءت مفاسد الربا التي تقدمت في القسم الأول.

وأما الثالث فيعني صاحب الاستفتاء بالأحاديث الصحيحة الأحاديثَ الواردة في حسن القضاء. والجواب أنها إنما تعارض رواية بريد، وأما رواية


(١) (٧/ ٢٦، ١٧٧، ١٧٨).
(٢) في الأصل: «يقضي». والتصويب من «المصنف».