للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يُصَرِّح بذلك لدلالة الحال عليه. والله أعلم.

وبما قرَّرناه عَلِمْتَ الفَرْقَ بين قياس الملائكة وقياس إبليس؛ فإن قياس الملائكة لم يعارض نصًّا بخلاف قياس إبليس؛ فلذلك قال الحسن وابن سيرين: إن أول من قاس إبليس, كما تقدم. والله أعلم.

وأما ما توهَّمه بعض الناس أن قول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} من الغيبة المحرمة, فمِنْ ضِيقِ عَطَنه، وقد صحَّت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أخبارٌ كثيرةٌ عما سترتكبه أمَّته من بعده من الفجور، فهل يكون ذلك غيبة؟ !

وأما قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فإنهم لما أرسلوا الوصف كان على العموم, فنبَّههم الله تعالى أن تعميم الحكم لا ينبغي إلا بعد العلم بجميع [١٤٦] الأفراد وخصائصهم، فإذا كانوا يجهلون أسماءهم فهم لغيرها أجهل. وقد عَلِمْتَ أن الملائكة إنما أخبروا عن ظنهم، وليس في خطأ الظن ما ينافي العصمة.

وأما قوله تعالى: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ} فهو تذكير بقوله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} قصد به التنبيه على حصول البرهان الحسي على ذلك ليتقرر ذلك عندهم بعين اليقين, فلا ينافي أن يكونوا قبل ذلك عالمين علم اليقين، والله تبارك وتعالى أعلم.

والجواب عن الثالث ــ وهو ما قيل: إن إبليس كان من الملائكة ــ: فالقرآن يكذِّب ذلك، قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي