للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حديث رافع بن خديج (١)، ومن رواية حماد بن سلمة بوجهين (٢): حماد عن هشام عن أبيه عن عائشة، وحماد عن ثابت عن أنس.

ورواية طلحة صريحة في أنه شهد القصة، وأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يجزم، وإنما قال: "ما أظنُّ يُغنِي ذلك شيئًا"، ثم قال لهم بعدُ: "إنما ظننتُ ظنًّا، فلا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدَّثتكم عن الله شيئًا فخذوا به، فإني لن أكذب على الله".

وفي رواية رافع: قال: "لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا"، ثم قال أخيرًا: "إنما أنا بشر، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر". قال الراوي: أو نحو هذا.

فما وقع في رواية حماد من الوجهين الأخيرين: "لو لم تفعلوا لصلح" من التقصير في الرواية بالمعنى؛ ولهذا قدَّم مسلم رحمه الله رواية طلحة، لأنه شهد القصة وتحرّى في بيانها، ثم عقَّبها برواية رافع لأنها قريبة منها، ثم ذكر رواية حماد من الوجهين على أنها شاهد لأصل القصة.

فثبت أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما أخبرهم عن ظنه أن التلقيح لا فائدة له، وإنما وقع له - صلى الله عليه وآله وسلم - هذا الظن لأنه لم يكن قد عرف حال النخل، وقد عرف بمكة والطائف وغيرهما أن عامة الشجر تثمر ويصلح ثمرها بلا تلقيح، فظن أن النخل كذلك، حملًا للفرد المجهول الحال على ما عرف من حال الغالب.

ومن هذا: ما رُوي من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "لقد هممتُ أن أنهى عن الغِيْلة، ثم


(١) رقم (٢٣٦٢).
(٢) رقم (٢٣٦٣).