للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالت عائشة لعروة: يا ابن أختي فرأيتها تبكي حين لم تجد [١٥١] رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فيشفيها، كانت تبكي حتى إني لأرحمها وتقول: إني أخاف أن أكون قد هلكتُ، كان لي زوج فغاب فدخلتُ على عجوز فشكوت ذلك إليها فقالت: إن فَعَلْتِ ما آمرُكِ فأجعله يأتيك, فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر فلم يكن كشيء حتى وقفنا ببابل فإذا برجلين مُعَلَّقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك؟ فقلت: أتعلّم السحر، فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفري، وارجعي, فأبيت وقلت: لا، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنُّور فبُولي فيه فذهبت ففزعت، فلم أفعل فرجعت إليهما، فقالا: أفعلت؟ قلت: نعم، فقالا: فهل رأيتِ شيئًا؟ قلت: لم أر شيئًا، فقالا لي: لم تفعلي، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري، فأبيت فقالا: اذهبي إلى ذلك التنُّور فبُولي فيه، فذهبت فاقشعررت وخفت، ثم رجعت إليهما، فقلت: قد فعلت، فقالا: فما رأيت؟ فقلت: لم أر شيئًا، فقالا: كذبتِ، لم تفعلي، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك، فأبيت، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنُّور فبُولي فيه، فذهبت إليه فبُلْت، فرأيت فارسًا مُتَقَنِّعًا بحديد خرج مني حتى ذهب في السماء وغاب عنِّي حتى ما أراه, فجئتهما فقالا: صدقْتِ، ذلكِ إيمانكِ خرج منكِ، اذهبي. فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئًا وما قالا لي شيئًا، فقالت: بلى لن تريدي شيئًا إلا كان، خذي [١٥٢] هذا القمح فابذري، فبذرتُ، فقلت: اطْلُعِي فطَلَعَتْ، وقلت: أَحْقِلي فأَحْقَلَتْ، ثم قلت: أَفْرِكي فأَفْرَكَتْ، ثم قلت: أَيْبِسِي فأَيْبَسَتْ، ثم قلت: أطحني فأطحنت، ثم قلت: أخبزي فأخبزت، فلما رأيت أني لا أريد شيئًا إلا كان أُسْقِطَ في يدي وندمتُ والله يا أمَّ المؤمنين، والله ما فعلت شيئًا قطُّ، ولا أفعله أبدًا، فسَأَلَتْ أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حداثة وفاة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وهم