للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: في الحكمة، أتستلزم الحكم ولا بد؟

الثالث: في العقل، أيستقل بإدراك أن الحكمة في هذا الشيء تقتضي هذا الحكم حتمًا؟

وللكلام معهم موضع آخر.

الثالث: الفصل المحكم فيما يشتبه أو يختلف فيه ببيان أن الحق كذا.

وهذا جعله الله عز وجل للناس، كما تقدم بعض الآيات في ذلك، وهو الذي رضي به أمير المؤمنين علي عليه السلام.

وزعم بعض من فهم هذه الحجة ممن ينتحل نحلة الخوارج من المتأخرين أن ما رضي به علي من تحكيم الحكمين ليس من الضرب الثالث، بل هو من الثاني، وذلك أن حكم الله عز وجل في أهل الشام منصوص في كتاب الله عز وجل بقوله: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: ٩]، فتركُ عليٍّ لتنفيذ هذا الحكم وعدولُه إلى جعل الحكم للرجال معناه أنه جعل للرجال أن يحكموا بغير حكم الله.

وحل هذه الشبهة أن أهل الشام لم يكونوا يعترفون بأنهم بغاة، وقد تركوا القتال، ورفعوا المصاحف، ودعَوا إلى تحكيم القرآن، ووعدوا بالرضا بما يتبين أنه حكم الله. [ص ٤٣] وهذا داخل في الفيئة إلى أمر الله. فكأنهم [قالوا: ] إننا نفيء إلى أمر الله، ولكن لا نعرفه بعينه، ونحسبه معنا، ونحن تاركون القتالَ وطالبون البيان.

ولا شك أن حكم الله عز وجل بقتالهم إنما هو ما داموا ممتنعين لا يُرجى رجوعهم إلا بالقتال.