للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى باطل.

نعم، قد يقال: الأشبه أن المتكلم لم يرد أن الحصاة أسد حقيقة، وإنما أراد أنها أسد مجازًا، جهلًا منه بوجه المجاز، وظنًّا لصحته في مثل ذلك، فإن احتمال الجهل المركب في هذا أقرب من احتمال دعوى أنها أسد حقيقة. وعلى هذا فالكذب بحاله، فإن حاصل الخبر: «أرى أسدًا مجازيًّا» وهذا أيضًا باطل، ومخالف للواقع.

وبالجملة، فهذا الاستعمال لا هو حقيقة ولا مجاز، فهو كما قال السعد في «المطول» (١): من قبيل ما لا يعتدُّ به، ولا يعدُّ في الحقيقة ولا في المجاز، بل ينسب قائله إلى ما يكره، كما صرح به في «المفتاح».

وقريب منه قول عبد الحكيم (٢): كلامٌ لغوٌ لا يصدر عن عاقل، فضلًا عن أن يكون صادقًا أو كاذبًا.

أقول: فكأن السكاكي لاحظ ذلك فسمى نحو قولك ــ مشيرًا إلى حصاة ــ: «أرى أسدًا» دعوى باطلة، ولم يسمها كذبًا.

وقريب منه تفسير الشارح العلامة (٣) للدعوى الباطلة بأنها ما يكون على خلاف الواقع.


(١) انظر «فيض الفتاح» (ج ٢/ ١٦٠). [المؤلف].
(٢) «فيض الفتاح» (ج ٢/ ١٧٢). [المؤلف].
(٣) المصدر السابق (٤/ ١٥٢). والشارح العلَّامة هو القطب الشيرازي (ت ٧١٠).